وقال الفراء في قوله تعالى: (ولا يسئل حميم حميما) (1)، لا يسأل ذو قرابة عن قرابته، " ولكنهم يعرفونهم ساعة ثم لا تعارف بعد تلك الساعة " كالمحم كمهم (2)، وهذا ضبط غريب يقال: محم مقرب ج أحماء كأخلاء.
واشتبه على شيخنا فظن أنه بالتخفيف، فاعترض على المصنف، وقال: الصحيح أحمام إن صح، وقال: ثم ظهر لي أنه لعله أحماء كأخلاء، وفي ثبوته نظر فتأمل.
قلت: وهذا كلام من لم يراجع كتب اللغة، وهو غريب من شيخنا مع سعة اطلاعه، كيف وقد صرح به ابن سيده في المحكم، والزمخشري في الأساس وغيرهم.
وقد يكون الحميم للجمع والمؤنث والواحد والمذكر بلفظ، تقول: هو وهي حميمي أي وديدي ووديدتي، كذا في الأساس والتقريب، قال الشاعر:
لا بأس أني قد علقت بعقبة * محم لكم آل الهذيل مصيب (3) العقبة هنا البدل.
والحميم: الماء الحار كالحميمة، نقله الجوهري. ومنه الحديث " أنه كان يغتسل بالحميم ".
ويقال: شريت البارحة حميمة أي ماء سخنا ج: حمائم ظاهره أنه جمع لحميم كسفين وسفائن، وهو نص ابن الأعرابي في تفسير قول العكلي:
وبتن على الأعضاد مرتفقاتها * وحاردن إلا ما شربن الحمائما (4) أي ذهبت ألبان المرضعات فليس لهن غذاء إلا الماء الحار، وإنما يسخنه لئلا يشربنه على غير مأكول فيعقر أجوافهن.
وقال ابن سيده: هو خطأ؛ لأن فعيلا لا يجمع على فعائل وإنما هو جمع الحميمة الذي هو الماء الحار لغة في الحميم مثل صحيفة وصحائف.
وقد استحم به إذا اغتسل به، ومنه الحديث: " أن بعض نسائه استحمت من جنابة فجاء النبي [صلى الله عليه وسلم] يستحم من فضلها "، أي يغتسل.
قال الجوهري: هذا هو الأصل، ثم صار كل اغتسال استحماما بأي ماء.
وقال أبو العباس: سألت ابن الأعرابي عن الحميم في قول الشاعر:
وساغ لي الشراب وكنت قدما * أكاد أغص بالماء الحميم (5) فقال: الحميم: الماء البارد.
قال الأزهري: فالحميم عنده من الأضداد (6)، يكون الماء البارد ويكون الماء الحار.
والحميم: القيظ، نقله الجوهري.
والحميم: المطر يأتي بعد اشتداد الحر؛ لأنه حار كما في المحكم.
ونص الصحاح: يأتي في شدة الحر.
وقال غيره: الذي يأتي في الصيف حين تسخن الأرض، قال الهذلي:
هنالك لو دعوت أتاك منهم * رجال مثل أرمية الحميم (7) وسمي العرق حميما على التشبيه. وأنشد ابن بري لأبي ذؤيب:
تأبى بدرتها إذا ما استكرهت * إلا الحميم فإنه يتبضع (8) والحميمة، بهاء: اللبن المسخن، وبه فسر قولهم: شربت البارحة حميمة.