فما يقال: من أن الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن جسم الحيوانات لا يعامل معها معاملة غيرها من كفاية العلم بنجاستها في زمان في وجوب الاجتناب عنها إلى أن يعلم طهارتها بمطهر غيرها، ليس على ما ينبغي، إلا أن يرجع إلى إنكار وجود القول بالنجاسة المطلقة، الذي مرجعه إلى القول باعتبار مطهر خارجي حسبما نقله في الحدائق (1).
وكيف كان فهاهنا صور:
إحداها: ملاحظة جسم الحيوان قبل العلم بمباشرة النجس، وهذا مما لا إشكال لأحد في الحكم عليه بالطهارة عملا بأصالة الطهارة.
وثانيتها: ملاحظته بعد حصول مطهر شرعي له، بوروده على الكثير أو الجاري بعد مباشرة النجاسة، وهذا أيضا مما لا إشكال لأحد في الحكم عليه بالطهارة.
وثالثتها: ملاحظته حال وجود النجاسة العينية، وهذا أيضا مما لا إشكال لأحد في عدم ترتيب أحكام الطهارة عليه، إما لوجود الرافع أو لوجود المانع.
ورابعتها: ملاحظته بعد زوال عين النجاسة قبل العلم بحصول المطهر الخارجي، فهذا هو محل الخلاف في أنه هل يكفي مجرد ذلك في الحكم عليه بالطهارة، أو يتوقف على الغيبة، مع احتمال حصول المزيل الشرعي بوروده على كر أو جار، أو لا يكفي شئ من ذلك، بل يتوقف الحكم بالطهارة على حصول المزيل؟
والأقوى وفاقا للأكثر هو الأول، لكن لا على معنى كون الزوال مطهرا، بل على معنى كونه من باب ارتفاع المانع، فالطهارة الموجودة بعده هي الطهارة الأصلية التي صادفها المانع في زمان فارتفع ذلك المانع بفرض زوال العين، من غير فرق في ذلك بين الهرة وغيرها من سائر أنواع الحيوانات، اكلت لحمها أو لا، لكن لا للأخبار النافية للبأس عن سؤرها كما عرفت الاستناد إليها في الجملة عن العلامة وصاحب المدارك (2)، فإن جملة من تلك الأخبار قد عرفت سابقا أنه لا تعلق لها بمقام البحث، كأخبار الهرة والصحيحة مع الحسنة المتقدمتين فيها وفي الدواب والسباع، لما عرفت