ولا يخفى بعده وخروجه عن السداد، ومع [هذا] فأصل هذا القول لشذوذه وندرة القائل به ليس مما يلتفت إليه ليصرف النظر في تصحيح مستنده، ويزيد على ضعف القول رأسا ضعف هذه الرواية بمحمد بن سليمان الديلمي، قال في المدارك: " فقد قيل:
إن سليمان كان غاليا كذابا، وقال القتيبي: إنه كان من الغلاة الكبار، وقال النجاشي: أن ابنه محمدا ضعيف جدا لا يعول عليه في شئ " (1).
ثم عن جماعة من المتأخرين القائلين بالمشهور أنهم ألحقوا بالفوقية الحسية الفوقية بالجهة، فحكموا بالاكتفاء بالخمس مع استواء القرارين ورخاوة الأرض إذا كانت البئر في جهة الشمال، بناء على أن جهة الشمال أعلى وأن مجاري العيون كما يدل عليه رواية سليمان المتقدمة المتضمنة لقوله (عليه السلام): " مجرى العيون كلها مع مهب الشمال "، وفي ذيل رواية قدامة أيضا إشارة إلى هذا المعنى حيث قال: " يجري الماء إلى القبلة " - إلى قوله -: " ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة "، فإن المراد بالقبلة قبلة أهل العراق بقرينة أن الرواة منهم، وهي كناية عن جهة الجنوب، وإنما عبر عنها بها لمعروفيتها عند عامة الناس من العراقيين، فالمراد بدبر القبلة العراق وما يحاذيها، لوقوعها في جهة الشمال، فيمين القبلة ويسارها إشارة إلى الغرب والشرق.
وحاصل معنى الرواية: أن الماء بالأخرة يميل إلى جهة القبلة وهي الجنوب، وإن مال أولا إلى يمين القبلة، وعن يمين القبلة إلى يسار القبلة، وعن يسار القبلة إلى يمين القبلة، بخلاف دبر القبلة فإن الماء لا يميل إليه بالطبع أصلا.
والسر في ذلك، ما قيل: من أن كل شئ يميل إلى مركزه، ومركز الماء البحر، وهو في طرف الجنوب، فهو بالطبع (2) مايل إلى الجنوب ليصل إلى البحر، وما قد يشاهد من خلاف ذلك فليس من جهة الطبع، بل هو لأجل العارض. وكيف كان: فمستند الإلحاق