البقاء لا يحتاج إلى دليل في نفسه، إذ الأصل أن ما ثبت دام إلى وجود قاطع وذلك معنى الاستصحاب، لكن ربما يتوجه إليه مناقشة من حيث التعليل المذكور يظهر وجهها بالتأمل.
وقد يستدل له بوجوه اخر:
منها: الرواية المتقدمة في المسألة السابقة (1) إما بناء على ما قررناه من أن الخارج من ذلك حالة التغير فيدخل ما بعدها في العموم، أو لأنه إذا فرض الماء المتغير نصفين زال تغيرهما فاجتمعا دخل تحت عموم الرواية، وإذا ثبت فيه ثبت في غيره بالإجماع.
وفيه: أن الاستناد إلى تلك الرواية إنما يصح لو كانت متعرضة لحكم الزوال عقيب الحدوث خصوصا أو عموما وقد مر منعه في المسألة السابقة، فإن العبارة قاصرة جدا عن التعرض للحكم المذكور نفيا وإثباتا، وظاهرة في إعطاء حكم الدفع الذي ليس المقام عنه، ومع الغض عن ذلك فالتمسك بالإجماع بناء على التقرير الثاني ضعيف جدا، إذ لا محمل له إلا مركب الإجماع وهو مع وجود القول بالفصل كما ترى؛ وقد عرفت أن الحلي العامل بالرواية فيما هو من قبيل المسألة الثانية أنكر الطهارة هنا.
وقد يجاب عنه (2) أيضا: بأن الرواية مخصوصة بالنص والإجماع بالخبث الذي لا يكون مغيرا للماء، فإذا ثبت النجاسة بالتغير كانت مستصحبة، وبالتأمل فيما قررناه في تحقيق دعوى الملازمة بين القولين تقدر على تزييف ذلك بأحسن وجه.
ومنها: قاعدة الطهارة بناء على عدم جريان استصحاب النجاسة، لأن موضوع النجاسة هو المتلبس بالتغير، أو المردد بين ما حدث فيه التغير في زمان وما تلبس به، وعلى التقديرين فلا يعلم بقاء الموضوع الذي هو شرط في جريان الاستصحاب.
وفيه: منع كون موضوع النجاسة شئ مما ذكر، بل الموضوع هو الماء الملاقي للنجاسة المغيرة، بناء على أن الموجب للنجاسة هو الملاقاة المغيرة دون الملاقاة مطلقة ولا التغير منفردا وهو باق جزما، وسيلحقك زيادة توضيح في ذلك.
ومنها: الأخبار الظاهرة في اعتبار فعلية التغير في النجاسة مثل قوله (عليه السلام): " كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ [من الماء] واشرب " (3) وقوله (عليه السلام): " لا بأس إذا