غلب لون الماء لون البول " (1)، وقوله (عليه السلام): " إذا كان النتن الغالب على الماء فلا توضأ ولا تشرب " (2) ونحو ذلك.
وفيه: أن اعتبار فعلية التغير في النجاسة مما لا ينكره أحد، لكنها تلاحظ تارة بالقياس إلى حدوث التغير فيراد بها حدوثه فعلا، واخرى بالقياس إلى بقاء التغير فيراد بها بقاؤها فعلا، والمطلب إنما يثبت لو كان المستفاد من الأخبار اعتبار الفعلية في كل من جهتي الحدوث والبقاء، على معنى استفادة استناد النجاسة حدوثا وبقاء إلى التغير حدوثا وبقاء، فحدوثها إلى حدوثه وبقاؤها إلى بقائه، وقضية ذلك انتفائها عند انتفاء إحدى جهتي التغير، فلا حدوث مع عدم حدوثه ولا بقاء لها مع عدم بقائه، وهذا كما ترى موضع منع كل المنع، لوضوح أن أقصى ما يستفاد منها اعتبار الفعلية في جهة الحدوث فقط، وأما جهة البقاء فهي إما دالة على عدم اعتبار الفعلية فيها أو ساكتة عن التعرض لها نفيا وإثباتا، فعلى كل من التقديرين يجب استصحاب النجاسة بعد زوال التغير إلى أن يقوم رافع يقيني، وإن كان الاستصحاب على التقدير الأول يراد به معنى وعلى التقدير الثاني معنى آخر وسيأتي بيان المعنيين مع الفرق بينهما.
ومما يفصح عما ذكرناه من أن المستفاد من الأخبار اعتبار الفعلية في جهة الحدوث فقط ورود التعبير في الأخبار عن اعتبار التغير في النجاسة بصيغة الفعل ماضيا ومستقبلا التي هي باعتبار الوضع اللغوي ظاهرة في الحدوث، وسيلحقك زيادة بيان في ذلك.
ومنها: الأمر بالنزح في البئر المتغير حتى يزول التغير الوارد في صحيحة محمد بن بزيع (3) بناء على أن كلمة " حتى " للتعليل أو للانتهاء، مع استظهار كون ما بعدها علة غائية نظير ما في قولك: " تفكر في العبارة حتى - أو إلى - أن تفهمها ".
وفيه أولا: منع كون كلمة " حتى " تعليلية لظهورها في الانتهاء، ولو سلم فليس ذهاب الريح وطيب الطعم علة للطهر وإنما هو علة للنزح الذي اعتبره الشارع لرفع المانع عن الطهر المقارن للطهر الحاصل بتجدد الماء من المادة، فالمطهر هو الماء المتجدد دون زوال التغير، لكون وجود التغير مانعا عن حصول الطهر.