وثانيا: منع دخولها على العلة الغائية على تقدير كونها انتهائية، لما تبين من أن الغاية المقصودة من النزح طهر البئر بتجدد الماء من المادة، وذهاب الريح مع طيب الطعم مقصود بالتبع دفعا للمانع.
ولو سلم كونه مقصودا بالأصالة فإنما يقصد إحرازا لرفع المانع لا لأن المقصود إحراز المقتضي للطهارة ولا يكون إلا زوال التغير.
ولو سلم أن إحراز المقتضي أيضا مقصود بالأصالة فالمقتضي ليس إلا الماء المتجدد من المادة المقارن تجدده لزوال التغير فكلاهما مقصودان بالأصالة، إلا أن تجدد الماء مقصود لإحراز المقتضي وزوال التغير مقصود لإحراز رفع المانع.
ولو سلم أن عدم المانع له مدخلية في ترتب الأثر فغايته كونه جزءا للعلة لا أنه علة تامة، فالجزء الآخر هو تجدد الماء.
ولو سلم عدم الدلالة على مدخلية تجدد الماء فلا نسلم الدلالة على نفي المدخلية أيضا، ولازم ذلك قيام الاحتمال المتساوي ومعه يكون المقام من مجاري الاستصحاب الذي لا قاطع له سوى تجدد الماء، فكون زوال التغير علة غائية لا يستلزم كونه هو المطهر، فالاستدلال بالصحيحة على طهر الماء بمجرد زوال التغير غير متجه، سواء جعل كلمة " حتى " تعليلية، أو انتهائية داخلة على العلة الغائية أو لا.
حجة القول المشهور امور:
أحدها: ما اعتمد عليه المحقق الخوانساري فأنه قال - معرضا عن الوجوه الثلاث الآتية -: " والأولى أن يتمسك بالروايات الدالة على النجاسة بالتغير، لأن فيها النهي عن الوضوء والشرب من هذا الماء، والنهي للدوام والتكرار خرج ما بعد التطهير بالإلقاء ونحوه مما فيه إجماع أو دليل آخر بالدليل فيبقى الباقي " (1)، وهذا كما ترى بمكان من الوهن، ضرورة أن النهي هنا تابع للنجاسة لكونه ناشئا منها فدوامه موقوف على بقائها بعد زوال التغير، فالتمسك بدوامه على بقائها لا يخلو عن نوع مصادرة، ولك أن تقول:
بكونه مؤديا إلى الدور كما يعرف بأدنى تأمل، ومن هنا يعلم أن دعوى دوام النهي هنا إن لم تكن عن علم ببقاء النجاسة لابد لها من وسط، فمع وجوده لغى توسيط دوام