الواقف الكثير، مع تخلف الحكم عنه " (١).
ومنها: ما حكاه في المختلف (٢) أيضا من: أن التيمم سائغ عند الملاقاة للنجاسة وليس بسائغ عند وجود الماء الطاهر، فالملاقاة للنجاسة توجب التنجيس، أما الأول:
فلما رواه عبد الله بن أبي يعفور - في الصحيح - عن الصادق (عليه السلام) قال: " إذا أتيت البئر وأنت جنب، فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد الطيب، فإن رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر، ولا تفسد على القوم ماءهم " (٣).
وأما الثاني: فللإجماع ولقوله تعالى: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾ (4).
وقد يقرر الاستدلال من الصحيحة المذكورة: بالأمر بالتيمم، المتوقف على تنجيس البئر بالاغتسال فيها، وبالنهي عن الوقوع والإفساد المترتب عليه، الذي يراد به النجاسة، كما سبق بيانه في صحيحة محمد بن بزيع في جملة أدلة القول بالطهارة.
والأولى أن يقال في تقريره: أن الملاقاة للنجاسة لو لم تكن سببا لنجاسة البئر لما ساغ التيمم عند انحصار سبب الاغتسال فيها، والتالي باطل للصحيحة المذكورة والمقدم مثله.
والجواب: منع انحصار سبب الاغتسال في مورد الرواية في ملاقاة النجاسة للبئر، كيف وهو موقوف على فرض اشتمال بدن الجنب المفروض فيها على النجاسة، وهو ليس بلازم عقلي ولا غالبي له، فإطلاق النهي عن الوقوع في البئر يشمل صورتي الاشتمال وعدمه، فيكون أعم، والعام لا يدل على الخاص، و هو التنجيس.
و لو سلم أن الاشتمال عليها كان متحققا في خصوص المورد وقد علم به الإمام (عليه السلام)، فنمنع الملازمة بينه وبين تنجيس البئر، كيف وهو مبني على كون الإفساد المنهي عنه مرادا به التنجيس، وهو في حيز المنع.
أما أولا: فلأن الإفساد أعم من التنجيس، والعام لا يدل على الخاص، فلعل المراد به هنا كون الاغتسال في البئر مستتبعا للاستقذار وتنفر الطباع عن مائها بعده، أو لإثارة الوحل وانكداره باستلزامه لامتزاج الأجزاء الوحلية به، أو لصيرورته مستعملا في الحدث الأكبر، وهو مما يراه القوم رافعا لطهوريته.
فلا يقاس ذلك على الإفساد الوارد في صحيحة ابن بزيع المحمول على التنجيس،