وسادسها: ما أشار إليه في المنتهى من: " أنه بجريانه من منابعه أشبه الماء الجاري، فيتساويان حكما " (1) وهو أوضح فسادا من جميع ما مر، مع أن قضية ذلك مع ملاحظة قوله باشتراط الكرية في الجاري كونه قائلا هنا بالفرق، ولعله من هنا قد يستظهر منه في الكتاب المشار إليها المصير إلى هذا القول، وكيف كان فالملازمة ممنوعة، إذ لا مستند لها سوى القياس وهو ليس من مذهبه.
وسابعها: الأخبار الخاصة وهي العمدة في المقام.
منها: الصحيح المروي في الكافي، والتهذيب، والاستبصار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا (عليه السلام) قال: " ماء البئر واسع لا يفسده شئ، إلا أن يتغير ريحه، أو طعمه، فينزح حتى يذهب الريح، ويطيب طعمه، لأن له مادة " (2) قال الشيخ في التهذيبين: " المعنى في هذا الخبر أنه لا يفسده شئ إفسادا لا يجوز الانتفاع بشئ منه إلا بعد نزح جميعه، إلا ما غيره، فأما ما لم يتغير فإنه ينزح منه مقدار وينتفع بالباقي " (3) وغرضه بهذا الكلام جعل الرواية بحيث لم تكن منافية لوجوب النزح بدون التغير الذي يقول به تعبدا، وإن كان لا يقول بنجاسة الماء.
ويرد عليه: منع كون الإفساد مع التغير إفسادا لا يجوز معه الانتفاع بشئ منه إلا بعد نزح جميعه.
أما أولا: فلأن المنع عن الانتفاع مع التغير يدور مع التغير وجودا وعدما، وإعدام التغير لا يستدعي نزح الجميع.
وأما ثانيا: فلمنع انحصار الانتفاع في مشروط بالطهارة، لحصوله بسقي الدواب والبساتين ونحوها، و مع ذلك فالمنع المتوقف رفعه على زوال التغير المتوقف على النزح - على تقدير التغير - ثابت مع عدم التغير أيضا، على ما يراه من وجوب النزح الذي لا يتحقق في كثير من صوره إلا في ضمن نزح الجميع، فما معنى الاستثناء الوارد في الرواية؟ والتأويل المذكور بعد الجمع بينه وبين قضية وجوب النزح موجب لاتحاد