الموصوف أمرا معنويا والوصف تفسيريا ولا محذور، فتمت بذلك دلالة الخبر على تمام مدعى القائلين بعدم الانفعال.
وأما الاعتراض عليه تارة: بما عن المعتبر (1) من أنه مكاتبة يضعف دلالته، ومن أن الفساد يحمل على فساد يوجب التعطيل، ومن أنه معارض برواية محمد بن إسماعيل الآتية.
واخرى: بأن دلالته بالعموم، ويخرج عنه بالأدلة الخاصة كما يخرج عن العمومات وعن الأصل بها، و بأنه متروك الظاهر لثبوت التنجيس باللون أيضا.
فيدفعه: منع كون هذا الخبر مكاتبة، بل المكاتبة هو الخبر الآتي الذي تمسك به أهل القول بالنجاسة، ولذا قال في هذا الخبر: " قال " من دون إشعار فيه بالكتابة سؤالا وجوابا، نعم المكاتبة بهذا المضمون رواها في التهذيب بطريق آخر عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع، قال: كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) فقال: " ماء البئر واسع لا يفسده شئ " الحديث (2). وأن التقييد بما ذكر تأويل لا يصار إليه بلا ضرورة دعت إليه.
والمعارضة تندفع بما يأتي من الوجوه الدافعة لاحتجاج القول بالنجاسة.
ومنع قيام أدلة خاصة تصلح رافعة للدلالة العامة إن اريد بها العموم بالقياس إلى ملاقاة نجس لا يغيره وملاقاة غير النجس، مع منع العموم من تلك الجهة لظهور " شئ " بقرينة استثناء صورة التغير فيما يكون نجسا.
وإن اريد بها العموم بالقياس إلى الكرية وعدمها، فيدفعه: أن الأدلة الخاصة إن اريد بها الأخبار الواردة في البئر الدالة على التنجيس، ففيه: بعد تسليم دلالتها عليه، منع كونها أخص من هذا الخبر، بل النسبة بينها وبينه هو التباين، و معه يجب الرجوع إلى المرجحات، والترجيح في جانبه كما يأتي بيانه.
وإن اريد بها أدلة انفعال القليل، ليكون مفاد الاعتراض لزوم اعتبار الكرية في البئر أيضا.
ففيه: أن أدلة الانفعال منها ما لا يتناول البئر، لاختصاصها بموارد مخصوصة ليس البئر منها، و منها ما يتناول بعمومه البئر كمفهوم " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ "