والذي يقتضيه النظر: أن ما ثبت إطلاق البئر عليه في زمنه (صلى الله عليه وآله) أو زمن أحد الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، كالتي في العراق والحجاز، فثبوت الأحكام له واضح، وما وقع فيه الشك فالأصل عدم تعلق أحكام البئر به، وإن كان العمل بالاحتياط أولى " (1).
وفيه: أن موضوعات الأحكام بحكم الاشتراك في التكاليف لابد وأن تكون مشترك الثبوت فيما بين زماننا وما بعده وقبله، وزمان النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)، فما ثبت اختصاصه بأهل أحد الزمانين لم يعقل ثبوت حكمه لأهل الزمان الآخر، إن ثبت له حكم خاص أو عام.
وقد يحصل الاشتباه في مسمى اللفظ الوارد في الخطاب بالقياس إلى زمانه (صلى الله عليه وآله) أو زمان أحد الأئمة (عليهم السلام)، فلابد في الوصول إليه من وسط وليس ذلك الوسط عندهم إلا العرف، المردد بين كونه عرف المتشرعة، أو عرف أهل اللغة، أو العرف الحاضر المعبر عنه بالعرف العام، كل في مورده.
ومعلوم أن البئر ليست من الموضوعات المحدثة التي لم تكن ثابتة في زمانه (صلى الله عليه وآله) ولا من الموضوعات المنقطعة عن زمان غيره، بل هي ثابتة في جميع الأزمنة، فإذا طرأ اشتباه في مسماها الذي أخذه الشارع موضوعا في خطابه لابد في استعلامه من مراجعة العرف بأحد من الأقسام المذكورة، لعدم إمكان الوصول إلى عرف زمانه بدون ذلك، والمفروض أنها ليست مما ثبت فيه تصرف من الشارع ليرجع فيه إلى عرف المتشرعة، ولا أنها مما ثبت فيها من أهل اللغة نص خاص ليرجع إلى عرفهم، فيعين الرجوع فيها إلى العرف الحاضر، لا بوصف أنه عرف غير زمانه (صلى الله عليه وآله)، بل بعنوان أنه مرآت وطريق إلى عرف زمانه (صلى الله عليه وآله).
فليس المراد بالعرف المأخوذ في الحد عرف زمانه بالخصوص، ليرد عليه: أنه الوصول إليه غير ممكن فيكون التعريف به تعريفا بالمجهول.
ولا أن المراد به غير عرف زمانه بوصف أنه كذلك، ليرد عليه: أن العبرة في موضوعات الأحكام بما ثبت في عرفه (صلى الله عليه وآله) دون غيره.
بل المراد به العرف العام لا بشئ من القيدين، نظرا إلى أن القيود المأخوذة في