فأنه ربما يوهم اعتبار الكثرة بالمعنى المتقدم سابقا، ولذا حكي الاحتجاج بتلك الرواية عن أهل القول بذلك.
ولكن يدفعه: منع نهوض ذلك دليلا على هذا الحكم، لجواز كون المراد " بالأكثرية " الأكثرية الإضافية بالقياس إلى البول، مرادا بها بيان أنه لا داعي إلى ثبوت البأس في هذا الماء الذي أصاب الثوب إلا كونه مستهلكا في جنب البول، وهو مفروض الانتفاء بقرينة كون الماء أكثر من البول بحسب المقدار، وكلما كان كذلك فهو موجب لاستهلاك البول، والأكثرية بهذا المعنى كما ترى أعم من الكثرة النفسية حسبما اعتبره القائل، والعام لا يدل على الخاص، وكيف كان فهذه الرواية لا تصلح مستندة لهذا القول، بل دلالتها على المذهب المشهور أنسب وأوضح.
ومن هنا اتضح ضعف هذا القول، وعدم جواز المصير إليه، حيث أنه مما لا مستند له.
نعم، المعضل دفع القول باشتراط الجريان فعلا لقوة دليله ظاهرا، فإن الشيخ في زيادات باب المياه من التهذيب (1) احتج عليه بالصحيحة السادسة، المشتملة على قوله (عليه السلام): " إذا جرى فلا بأس ".
ويمكن دفعه: بأنه يستقيم على تقدير عود الضمير في الشرط إلى " مائه " المذكور في كلام السائل، نظرا إلى ظهور الجريان المسند إلى الماء في سيلانه على الأرض ونحوها، كظهور الماء مضافا إلى المطر فيه بعد النزول من السماء كما هو واضح، ولعله موضع منع لقوة احتمال عوده إلى المطر المذكور في كلام السائل أيضا سابقا على مائه.
ولا ريب أن المطر ظاهر في ماء السماء حال نزوله خاصة، كما أن الجريان المسند إليه ظاهر في وروده على الأرض، فيكون الشرطية مرادا بها نفي البأس عن ظهر البيت المتنجس بالبول الذي ورد عليه المطر، كما أنه لا ريب أن إطلاق نفي البأس عن المحل النجس بورود المطر عليه يستلزم طهره وبقاء الماء الذي فيه على طهارته الأصلية، وهو المطلوب من عدم قبول ماء المطر للانفعال، ولا يلزم على هذا التقدير عدم مطابقة الجواب للسؤال، حيث إن الغرض الأصلي من السؤال استعلام حال التوضي بالماء المفروض، بملاحظة أن شبهة السائل في جواز التوضي - على ما يرشد إليه ابتداء