ولا ريب أن الاتصال مما لا يعلم به مع الخروج رشحا، وإنما اعتبرنا العلم هنا مع أن الحكم بالطهارة يكفي فيه عدم العلم بتحقق سبب النجاسة، والمقام منه، لأن المقتضي للنجاسة هنا موجود وهو عموم القاعدة، فلابد في الخروج عنها من مخرج علمي ولو شرعا.
لكن يرد على الشهيد في اعتباره الشرط المذكور - بناء على هذا التوجيه -: أن ذلك إنما يستقيم لو كان الحكم بعدم انفعال الجاري معلقا عند الأصحاب بوجود المادة، وهو غير ظاهر من أكثرهم، بل أكثر أدلتهم خلو عن اعتباره.
نعم لو استند في ذلك إلى الرواية المشار إليها، المعللة بوجود المادة كان الاشتراط متجها. لكن يشكل ذلك: بأن الاستناد إليها غير معلوم من جميعهم إلا أن يقال: بأنها مستند الحكم عنده، فاعتبر الشرط المذكور جريا على مقتضى دليله، فلا إيراد عليه بعد تسليم هذا الدليل منه، ونقل اعتبار ذلك أيضا عن ابن فهد في موجزه (1) وعن التنقيح:
" أنه استحسن ذلك الشرط " (2).
وذكر في معناه وجوه:
منها: ما ذكرناه، وهو أظهرها، وفاقا للمحكي عن بعض محشي الروضة، والمحقق الثاني (3) وصاحب المعالم (4) حيث استحسنه.
وأما ما أورد عليه: بأنه غير مفيد، إذ مجرد عدم ظهور المادة لا يكفي في الحكم بالانفعال، بل التحقيق في صورة الشك في وجود المادة الحكم بعدم الانفعال للأصل، بل وكذلك مع ظن العدم للاستصحاب، وإن انحصر الدليل على عدم اشتراط الكرية في الخبر المشار إليه، وهو كما ترى وكأنه غفلة عما قررناه من وجود المقتضي للانفعال، لولا الدليل المخرج.
ومنها: ما عن روض الجنان (5) التصريح به من، أن المراد بدوام النبع عدم الانقطاع في أثناء الزمان، ككثير من المياه التي تخرج زمن الشتاء وتجف في الصيف.