بالطهارة - كما ادعى عليه الإجماع - والمطهرية - كما عليه جماعة من فحول الأصحاب - فإذن يكون ذلك دليلا آخر مضافا إلى ما قررناه من القاعدة.
وعن المفيد في المقنعة (1) القول باستحباب التنزه منه، بل عنه (2) ذلك أيضا في ماء الأغسال المستحبة، بل الغسل المستحب كغسل اليد للأكل، ومستنده غير واضح.
نعم، ربما يعزى إلى شيخنا البهائي في الحبل المتين الاستدلال بما في الكافي عن محمد بن علي بن جعفر عن الرضا (عليه السلام) قال: " من اغتسل فيه فأصابه الجذام، فلا يلومن إلا نفسه " (3) قائلا - بعد إيراد الخبر -: " وإطلاق الغسل في هذا يشمل الغسل الواجب والمندوب وفي كلام المفيد في المقنعة تصريح بأفضلية اجتناب الغسل والوضوء بما استعمل في طهارة مندوبة، ولعل مستنده هذا الحديث، وأكثرهم لم يتنبهوا له " (4) انتهى.
أقول: وكان ما نقله (رحمه الله) خبر آخر عثر عليه مخصوص بما استعمل في الوضوء، وإلا فلو كان إشارة إلى الخبر المتقدم في ذيل مسألة غسالة الحمام فالاستناد إليه في هذا المقام ليس من شأن العامي فضلا عنه ومن هو دونه، لاختصاص هذا الخبر على ما هو صريح صدره وذيله بالماء الذي يغتسل فيه.
ومن هنا أورد عليه في الحدائق: " بأن عجز الرواية المذكورة يدل على أن مورد الخبر المشار إليه إنما هو ماء الحمام "، إلى أن قال: " وهذا أحد العيوب المترتبة على تقطيع الحديث، وفصل بعضها عن بعض، فإن بذلك ربما تخفى القرائن المفيدة للحكم كما هنا " (5) إنتهى، كما أنه كذلك لو كان إشارة إلى ما عن الكافي، عن محمد بن علي بن جعفر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: " من أخذ من الحمام خرقة فحك بها جسده فأصابه البرص، فلا يلومن إلا نفسه، ومن اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه، فأصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه " (6) نعم لو قيل بجريان قاعدة التسامح وأدلة السنن في مثل فتوى فقيه واحد كان استحباب الاجتناب متجها من غير إشكال، كما لا يخفى.