أنواع الدم لا على عدم النجاسة؛ إذ لولاه كان الفرق بين المقامين في التنجس بذلك المتنجس وعدمه غير معقول، كما لا يخفى على المتأمل، أو لأن التعميم إنما يثبت بالإجماع على عدم الفرق كما نقله غير واحد.
نعم، ربما يورد عليها بمعارضة رواية العيص بن القاسم، قال: سألته عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء، فقال: " إن كان من بول أو قذر فليغسل ما أصابه " (1).
فاجيب عنها: بأنها عامة وروايات الباب خاصة فيجب حملها عليها، مضافا إلى ما في سندها من الكلام القادح حيث إنها لم توجد في الكتب الأربعة، ولم يظهر حال سندها فلعلها لا تكون معولا عليها، كذا ذكره المحقق الخوانساري في شرح الدروس (2).
أقول: ينبغي أن نشرح المقام ليتضح به وجه المعارضة، وانطباق الجواب عليها وعدمه، والعمدة في ذلك بيان معنى " الوضوء " الوارد في السؤال، قال في المجمع:
" الوضوء بالفتح اسم الماء الذي يتوضأ به " - إلى أن قال -: " وقد يطلق الوضوء على الاستنجاء وغسل اليد وهو شائع فيهما، ومن الأول حديث اليهودي والنصراني حيث قال فيه: وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ، أي لا يستنجي، ومن الثاني حديثهما في المواكلة حيث قال: إذا أكل من طعامك وتوضأ فلا بأس، والمراد به غسل اليد الخ " (3).
وظاهره أن هذين الأخيرين تفسير للوضوء بالضم وهو مصدر، ولا يبعد أن يقال:
إن الآلة من هذين المعنيين أيضا هو الوضوء بالفتح، بل لا محيص من حمله في الرواية عليه، بناء على الحمل عليهما إذ المعنى المصدري لا يلائمه السؤال كما لا يخفى.
فانقدح بجميع ما ذكر أنه عبارة إما عن الماء الذي يتوضأ به، أو الماء الذي يستنجى به، أو الماء الذي يغسل به اليد، ويمكن إرادة مطلق الغسالة منه، ومقتضى عبارة المجمع - بناء على ما قرر في محله - كونه حقيقة في الأول ومجازا في الأخيرين المصدر بيانهما بلفظة " قد "، ولا ينبغي أن يكون مبنى المعارضة على المعنى الأول، لبعده عن السؤال ومنافاته للجواب المفصل بين البول والقذر وغيرهما منطوقا ومفهوما، فلابد أن يكون مبناها على المعنى الثاني وهو إرادة الاستنجاء، وأما الجواب