عند أهل اللسان، فإنما أتى به (عليه السلام) على عدم إرادة الأعم صونا له عن الوقوع في مخالفة الواقع لأجل فهمه الأعم كما هو دأب الحكيم فتأمل.
وعلى فرض عدمه فهو في الأخبار حيثما تجرد عن قرينة مخصوصة محمول على الأعم بقرينة فهم الأصحاب، كما في أخبار الباب على ما ستعرفه من أنهم في ذهابهم إلى طهارة الاستنجاء، أو ثبوت العفو عنه يستندون إلى هذه الأخبار، مع تصريحهم في عناوين المسألة بالتعميم بالنسبة إلى الحدثين، ونقلوا إجماعاتهم على هذا المذكور صريحا في معاقدها كما سيأتي بيانها، بل ظاهر تعليلاتهم فيما يأتي من مسألة التعميم بالنسبة إلى المخرجين يقتضي كونه للأعم باعتبار الوضع، ولعله وضع شرعي كما أشرنا إليه، وكيف كان فالبحث في ماء الاستنجاء مفروض عندهم في مسألتين:
المسألة الاولى: في أصل جواز مباشرته، وعدم وجوب غسل الثوب والبدن عنه من جهة الصلاة وغيرها.
والمسألة الثانية: في أن هذا الجواز هل هو من جهة العفو، حتى لا ينافي نجاسته على قياس ما هو الحال في بعض أفراد الدم وغيره، أو من جهة الطهارة وعدم انفعاله بمباشرة النجاسة، ويظهر الفائدة في جواز استعماله في الشرب ونحوه، واختصاص الجواز بحالة الصلاة لزوال مانعيتها بدليل العفو، كما في قليل الدم، فتأمل.
ولكن لما كان طريق الاستدلال على الحكمين واحدا على القول بعدم النجاسة، فنحن نورد البحث عنهما في سياق واحد حذرا عن الإطالة بلا طائلة.
ونقول: الحق خروج ماء الاستنجاء عن قاعدة انفعال القليل إذا جامع الشروط الآتية، سواء كان عن غائط أو بول، والأصل في ذلك الروايات المستفيضة المعتضدة بالمستفيضة من الإجماعات، مع الشهرة العظيمة.
منها: صحيحة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجى به، أينجس ذلك ثوبه؟ فقال: " لا " (1).
ومنها: الحسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم المروي في التهذيب والكافي عن محمد بن النعمان الأحول قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أخرج من الخلاء، فأستنجي