" وكذلك ما يقع على الأرض الطاهرة من الماء الذي يستنجى به ثم يرجع عليه لا يضره ولا ينجس شيئا من ثيابه وبدنه، إلا أن يقع على نجاسة ظاهرة فيحملها في رجوعه، فيجب غسل ما أصابه منه " (1).
والثاني قال: " لو كان على جسد المغتسل نجاسة أزالها ثم اغتسل، فإن خالف واغتسل أولا ارتفع حدث الجنابة، وعليه أن يزيل النجاسة إن كانت لم تزل بالاغتسال " (2)، فإن حكمه بارتفاع حدث الجنابة مبنى على عدم انفعال الماء الوارد على النجاسة التي تكون في الجسد، وإلا لم يكن لما ذكره وجه، بناء على اشتراط الطهارة في ماء الغسل.
واجيب عن الأول: باحتمال أن يكون مراد المفيد من حمل الماء النجاسة تنجسه بها، كما في قوله (عليه السلام): " لم يحمل خبثا " (3)، لا حمله جزءا منها حتى يكون إيجاب الغسل من جهة هذا الجزء لإصابته الثياب أو البدن، فلا ظهور لما ذكره في ما توهم منه.
وعن الثاني: بحمل كلامه على الاغتسال فيما لا ينفعل من الماء لا مطلقا.
وكيف كان فلم نقف من أصحابنا على مصرح بالقول المذكور على نحو يشمل محل النزاع، نعم عبارة المدارك - فيما تقدم (4) - ظاهرة في الميل إليه، ودونها في الظهور كلام الحلي المتقدم (5)، وأما السيد فقد عرفت أن كلامه غير ظاهر في اختياره مذهبا على جهة الاستقرار، وعلى أي حال فالحق هو المشهور المنصور لوجوه.
الأول: ظاهر الخبر المستفيض " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (6) فإنه بعموم مفهومه التابع لعموم منطوقه يشمل المقام وغيره، من ورود النجاسة على الماء أو تواردهما معا، والوجه في ذلك ما سبق الإشارة إليه من أن له عموما من جهات أربع: باعتبار لفظي " الماء " و " الشئ " فيشملان كل ماء وكل نجس، وباعتبار لفظ " الكر " بالنظر إلى الأحوال الطارئة له من الاجتماع والتفرقة، مع الاتصال أو تساوي السطوح. واختلافهما، تسنما أو انحدارا، وباعتبار نسبة التنجيس إلى الشئ المنفي في المنطوق المثبت في