الإجماع إن قال بالتعبد به، ثم إن هاهنا فروعا ينبغي الإشارة إليها.
أحدها: هل الحكم يثبت للعالي بجميع أجزائه حتى الجزء الملاصق للنجس أو المتنجس، أو يختص بما عدا ذلك الجزء؟ وجهان: من أن العالي يشمل بإطلاقه جميع الأجزاء حتى الجزء الملاصق، ومن أن الأسفل في مقابلة الأعلى المأخوذ في عبارة الإجماع ظاهر في الماء وهو محكوم عليه بالنجاسة - كما يفصح عنه التعبير بأن النجاسة لا تسري من الأسفل إلى الأعلى - وهو الأظهر، كما تنبه عليه السيد المتقدم في قوله المتقدم، والمراد به ما فوق الملاقي للنجاسة أو المتنجس بغير هذه الملاقاة، بناء على أن مراده بالملاقي للنجاسة أو المتنجس هو الجزء الملاصق لهما من الأعلى، فإن المحكوم عليه بالطهارة هو ما فوق ذلك الجزء.
وأما هو فمحكوم عليه بالنجاسة مستدلا عليه بقوله: " لما تقدم من عدم الفرق في الملاقي بين الوارد والمورود عليه " ولا يخفى ما في هذا التعليل من الوهن الواضح، فإن مستند انفعال ذلك الجزء لو كان هو قضية عدم الفرق بين الورودين لقضى بانفعال ما فوقه أيضا، لأن ما لا يفرق فيه بين الورودين أعم من أن يكون واردا على النجس أو المتنجس، بناء على عدم الفرق في انفعال القليل بين ملاقاة النجس أو المتنجس كما سبق تحقيقه - وعليه السيد كما يستفاد من قوله: " أو المتنجس بغير هذه الملاقاة "، وإلا لم يكن فائدة في ذكره - فإذا فرض أن الوارد على المتنجس ينجس بملاقاته يلزم نجاسة ما فوق الجزء الملاقي أيضا، لوروده على المتنجس، ولا فرق في الملاقاة بين الورودين، فلزم أن الحكم بالفرق بين الجزء الملاصق وما فوقه تعبدي أثبته الإجماع، وعلى هذا فالمفروض من مستثنيات قاعدة انفعال القليل بالمتنجس خاصة.
ثم يبقى الإشكال في تحديد ذلك الجزء استعلاما للطاهر عن المتنجس، ولو قيل بأنه أقل ما يصدق عليه الماء الملاصق للنجس أو المتنجس لم يكن بعيدا، جمعا بين الوجهين المتقدمين، فلا يكفي مجرد النداوة والرطوبة الظاهرة لو أمكن إدراكها منفصلة عما فوقها.
وثانيها: ظاهر عباراتهم فتوى ونقلا للإجماع أن يكون المراد بالعلو والاستعلاء الارتفاع بحسب المكان، لا مجرد الفوقية بأن يكون الماء واردا على النجس أو المتنجس من مكان مرتفع موجب لارتفاع الماء المحكوم عليه بالطهارة على الجزء