سيما هذه الرواية التي صححها العلامة في المختلف (1) بخصوصها.
وأما الوجه الثاني: مما احتج به الشيخ فمنعه واضح غاية الوضوح، وتفصيل القول عليه منع الصغرى أولا: - سواء أراد بالمشقة العظيمة العسر والحرج المنفيين في الشريعة، أو ما فوق ذلك - ومنع الكبرى ثانيا: فإن أقصى ما يترتب على المشقة ارتفاع الحكم التكليفي كما هو نتيجة الدليل المصرح بها في متن الاستدلال المعبر عنها بالعفو، ولا يلزم منه عدم انعقاد الحكم الوضعي وهو النجاسة وتحقق الانفعال، كما أنه مما لا يلزم منه ارتفاع الحكم الوضعي، كما ثبت نظيره في غير موضع من الشرعيات كقليل الدم في لباس المصلي أو بدنه، ومثله دم القروح والجروح فيهما ونحو ذلك، ولا ريب أن المتنازع فيه هو الثاني دون الأول كما لا يخفى، فثبت إذن أن الأقوى ما صار إليه المشهور عملا بعموم الأخبار منطوقا ومفهوما، سيما عموم التعليل الوارد في الكلب.
ومنع ذلك - كما عن جماعة ويظهر من المحقق السبزواري (2) أيضا - ليس بوجيه، فإن المستفاد من ملاحظة مجموع الروايات - خصوصا ما ورد من التعليل بالنجاسة - كون الحكم منوطا بنفس الوصف مع قطع النظر عن خصوصية موصوفه، ولا ريب أنه يتحقق مع الكثير ومع القليل أيضا في أي مرتبة من مراتبه، والتشكيك في مثل ذلك خروج عن جادة الاستقامة واجتهاد في مقابلة النص، وتبقى الرواية المتقدمة بالمعنى الذي فسرناها به دليلا آخرا ومؤيدة للدليل، فاحفظ هذا واغتنم.
الجهة الرابعة: قد استفاض نقل الشهرة في عدم الفرق في انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة بين ورودها عليه، أو وروده عليها، أو تواردهما، كما لو سالا عن ميزابين ونحوهما فاختلطا، كما أنه اشتهر المخالفة في ذلك عن السيد المرتضى في الناصريات لذهابه إلى الفرق بتخصيصه الانفعال بالماء الذي يرد عليه النجاسة دون العكس، وهو محكي عن الشافعي من العامة، ولكن العبارة المحكية عن السيد غير دالة على استقرار هذه المخالفة منه، لأنه عند حكاية القول بعدم الفرق بين الورودين عن جده الناصر، قال في الناصريات:
" قال الناصر: ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء.