بالدم، كما لا يخفى على من يراجعه في ذيل باب القليل الذي تحصل فيه النجاسة (١).
وكيف كان ففي المختلف (٢) احتج الشيخ (رحمه الله) بوجهين:
الأول: رواية علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: سألته عن رجل امتخط فصار الدم قطعا فأصاب إناءه، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال: " إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه " (٣).
الثاني: أن وجوب التحرز عن ذلك مشقة عظيمة وضرر كثير فيسقط، لقوله تعالى:
﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ (4).
وقد يقال: إن دلالة الرواية مبنية على إرادة السائل إصابة الماء من الإناء تسمية باسم المحل، لأن إرادة خصوص الظرف لا يناسب السؤال.
ولا يخفى بعده لكونه مجازا بلا قرينة واضحة، ولا يلائمه قوله (عليه السلام): " في الماء " لكونه على التوجيه المذكور في موضع الإضمار، مع توجه المنع إلى ابتناء دلالتها على ذلك، لجواز تقريرها بأن السؤال وإن كان لا قضاء له بإصابة الدم للماء غير أن الجواب يشمل بعمومه ما هو المقصود بالاستدلال في وجه، أو هو مختص بالمقصود في آخر.
أما على ما في بعض النسخ من نصب " شئ "، فلعود الضمير في الفعل الناقص إلى " الدم " بنفسه، أو بوصف كونه مصيبا للإناء، وكون الجملة المتعقبة له صفة للشئ والظرف متعلقا بها، فيكون المعنى: إن لم يكن الدم أو ما أصاب الإناء شيئا يستبين في الماء فلا بأس، وهذا كما ترى يعم ما لو لم يكن فيه شئ أصلا، أو كان ولم يكن مستبينا فيه، بناء على رجوع النفي إلى كل من الوصف والموصوف، فثبت به المطلوب أيضا.
ولكن الحمل عليه لعله ليس على ما ينبغي؛ لعدم كون إفادة الحكم لصورة انتفاء الدم بالمرة من شأن السائل ولا المسؤول، مضافا إلى أن النفي والإثبات يرجعان في الكلام إلى القيد، وكما أن الإثبات في الفقرة الثانية من الرواية يدور على القيد فكذلك