وأما ثالثا: فلخصوص صحيحة علي بن جعفر المشتملة في ذيلها على قوله (عليه السلام):
" إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء " (1) إلخ وموثقة عمار المتضمنة لقوله: وعن الإبريق يكون فيه خمر، أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال: " إذا غسل فلا بأس " (2)، ورواية علي بن جعفر المتضمنة لقوله عن الشرب في الإناء يشرب منه الخمر قدحان عيدان أو باطية؟ قال (عليه السلام): " إذا غسله فلا بأس " (3)، وروايتي علي بن يقطين (4)، وعيص بن القاسم (5) الواردتين في سؤر الحائض وفضلها الحاكمتين بأنه إذا كانت مأمونة فلا بأس، أو توضأ منه إذا كانت مأمونة.
الجهة الثالثة: عزي إلى المشهور عدم الفرق في النجاسة الموجبة للانفعال بين كثيرها وقليلها حتى ما لو كان منها مما لا يدركه الطرف مثل رؤوس الإبر التي لا تحس ولا تدرك ولو كان دما، وعن الحلي (6) دعوى الإجماع عليه، وعليه الشيخ على ما حكي عنه في سائر كتبه سوى المبسوط والاستبصار، وأما فيهما فخالف المشهور وذهب إلى الفرق بين الكثير والقليل الذي لا يدركه الطرف فخص الحكم بالأول دون الثاني، قائلا في المبسوط - على ما حكي -: " وحد القليل ما نقص عن الكر، وذلك ينجس بكل نجاسة تحصل فيه، قليلة كانت النجاسة أو كثيرة، تغيرت أوصافه أو لم يتغير، إلا ما لا يمكن التحرز منه مثل رؤوس الإبر من الدم وغيره، فإنه معفو عنه لأنه لا يمكن التحرز منه " (7).
وعنه أنه خص ذلك في الاستبصار بالدم (8)، كما أن العلامة حكاه عنه في المختلف (9) مخصوصا به من غير تعرض لتعيين كتابه، ولعله أيضا وهم نشأ عن كلامه في الاستبصار، ولأجل ذلك توهم جماعة على - ما حكي - كون أقواله ثلاثة والإنصاف يقتضي خلافه، إذ لا إشعار في كلامه في الاستبصار باختصاص الحكم