أجزائه، ويجب الاحتراز عن أجزاء النجاسة، وقد تعذر إلا بالاحتراز عن الماء المختلط أجزاؤه بأجزائها " (1)، وهو كما ترى من أوهن ما لا ينبغي الاستناد إليه في أمثال المقام؛ فإنه - مع أن فيه نوع مصادرة لتوجه المنع عن وجوب الاحتراز عن أجزاء النجاسة بعد شيوعها في الماء، بل هو أول المسألة - منقوض بالكر وما فوقه إذا شاعت فيه أجزاء النجاسة، ولا سيما إذا فرضنا القليل أقل منه بيسير كالمثقال بل المثاقيل، إذ لولا الحكم على فرض ثبوته تعبديا صرفا فأي عاقل يدرك الفرق بين ألف ومائتي رطل وما نقص عنه بمثقال بل مد بل رطل ونحو ذلك، حتى يدعي في الثاني وجوب الاحتراز عن مجموع هذا الماء مقدمة للاحتراز عن أجزاء النجاسة الشائعة فيه دون الأول، هذا كله مع ما فيه من عدم جريانه في جميع صور المسألة حتى ما لا يكون للنجاسة جزء كعضو الكافر أو أخويه، أو شئ من أجزائها الساقطة من عظم ونحوه.
وثانيهما: ما قرره في المختلف: من " أن القليل مظنة الانفعال غالبا، فربما غيرت النجاسة أحد أوصافه ولا يظهر للحس، فوجب اجتنابه " (2).
وفيه: مع أنه مبني على اعتبار التغير التقديري وقد تقدم المنع عنه، وعلى وجوب الاحتياط في مواضع الشبهة سيما إذا قابله أصل موضوعي اجتهادا وفقاهة حينما عرفت أنه منقوض أولا بالفرض المتقدم، وثانيا بعدم جريانه في النجاسات الغير المغيرة لذواتها أو لقلة ونحوها، ولو قيل بأن ذلك تعبد من الشارع فسقط اعتبار هذا الوجه ويطالب القائل بدليل ذلك، فلابد له من التشبث بالأدلة السمعية، و قضية ذلك انحصار المستند حقيقة في الأخبار فلابد من النظر فيها.
فنقول: إنها حسبما احتج به أهل هذا القول كثيرة جدا، ومنقول فيها البلوغ حد التواتر معنى، بل ربما يدعى بلوغها نحو مائتين رواية أو أزيد، غير أن جملة منها صحاح، واخرى موثقات، وثالثة حسان، ورابعة ضعاف منجبرة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع، مع نقله المدعى فيه الاستفاضة.
ثم إن جملة منها ما هو صريح أو ظاهر كالصريح في المطلوب، واخرى ما هو ظاهر فيه منطوقا، وثالثة ما هو ظاهر فيه مفهوما، ونحن نراعي في ذكرها هذه الأنواع الثلاث،