الثامن: لو تغير الماء في أحد أوصافه بطاهر لم يخرج عن حكمه الأصلي من الطهارة والمطهرية ما دام باقيا على إطلاق اسم المائية، دون ما إذا خرج عن الإطلاق، فإنه حينئذ وإن كان طاهرا ما لم يصبه ما أوجب تنجسه، إلا أنه خرج عن حكم المطهرية، وكل ذلك في مرتبة الوضوح بحيث لا يحتاج إلى الاحتجاج، وعن المحقق في المعتبر تصريح بما ذكرناه في قوله - المحكي -: " لو مازج المطلق طاهر فغير أحد أوصافه لم يخرج بالتغيير عن التطهير ما لم يسلبه إطلاق اسم الماء، سواء كان مما لا ينفك عنه الماء كالتراب والطحلب والكبريت وورق الشجر، أو مما ينفك كالدقيق والسويق، أو من المايعات كاللبن وماء الورد والأدهان كالبرز والزيت، أو مما يجاوره ولا يشيع فيه كالعود والمسك؛ لأن جواز التطهير منوط بالمائية وهي موجودة فيه؛ ولأن أسقية الصحابة الأدم وهي لا تنفك عن الدباغ المغير للماء غالبا ولم يمنع منها؛ ولأن الماء لرطوبته ولطافته ينفعل بالكيفيات الملائمة، فلو خرج بتغير أحد الأوصاف عن التطهير لعسرت الطهارة؛ ولأنه لا يكاد ينفك عن التكيف برائحة الإناء " (1)، ويقرب من ذلك ما ذكره غير واحد من الأصحاب، منهم الشهيد في الذكرى (2).
وعلى قياس ما ذكرناه ما لو تغير الماء من قبل نفسه لطول مدة مكثه فإنه إن بقي على إطلاق اسمه عليه كان طاهرا مطهرا، وإلا خرج عن المطهرية، وعن المعتبر (3) أيضا التصريح به، مع تصريحه بكراهة استعماله إن وجد غيره، مستندا في ذلك إلى رواية الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في الماء الآجن يتوضأ منه، إلا أن تجد [ماء] غيره " (4)؛ ولأنه يستخبث طبعا فكان اجتنابه أنسب بحال المتطهر، وفي منتهى العلامة (5) ما يقرب من ذلك فتوى وحجة، إلا أنه أضاف إلى الرواية المذكورة ما رواه الجمهور " أنه (عليه السلام) توضأ من بئر بضاعة وكان ماؤها نقاعة الحناء " (6).
* * * * * * *