منه انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار ولا تحويه خواطر الأفكار ولا تمثله غوامض الظنن في الأسرار، لا إله إلا هو الملك الجبار، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته، فهو أهل ذلك بخاصته وخلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل (1) من يلحقه التظنين، وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته وطريقا للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد، وأن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه (صلى الله عليه وآله) من بريته خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالإرشاد عليه لقرن قرن وزمن زمن، أنشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتحميده وألهمها شكره وتمجيده وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا (2) له فإنه فاطر الأرضين والسماوات، وأشهدهم خلقه وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجم مشيته وألسن إرادته عبيدا * (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) * (3) يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويعتمدون حدوده ويؤدون فرضه، ولم يدع الخلق في بهم صما (4) ولا في عمياء
(٨١)