" إحلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا ".
ثم قال:
" والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ".
فقال له أبو بكر: فإن لم تبايع فلا أكرهك. فقال أبو عبيدة بن الجراح لعلي كرم الله وجهه: يا بن عم إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم، ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك، وأشد احتمالا واضطلاعا به، فسلم لأبي بكر هذا الامر، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق، في فضلك ودينك، وعلمك وفهمك، وسابقتك ونسبك وصهرك. فقال علي كرم الله وجهه:
" الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته، إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أحق الناس به، لأنا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع (1) بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله، فتزدادوا من الحق بعدا ".
فقال بشير بن سعيد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر، ما اختلف عليك اثنان.
* الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ص 28 - 29، الإحتجاج للطبرسي ج 1 ص 182، الفتوح لابن أعثم الكوفي ج 1 ص 13، شرح نهج البلاغة لابن ابن الحديد ج 6 ص 11، الغدير ج 7 ص 80.