كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٥٨٧
لم يتعين حقيقة أحدهما في النية التي حقيقتها استحضار حقيقة الفعل المأمور به لم يقع عن أحدهما نعم لو نواه مندوبا أجزء بتفضل الله سبحانه كما في الرواية عن رمضان إذا ظهر اليوم منه أي من رمضان اجماعا نصا وفتوى وبه يخرج عن قاعدة عدم اجزاء المندوب عن الواجب مع اختلاف حقيقتهما وهل يلحق رمضان غيره من الواجبات المعينة في تأديها بالنفل وبالنفل الفرض في تأدى رمضان وغيره به مقتضى تعليله (ع) الأجزاء في رواية الزهري بقوله لان الفرض انما وقع على اليوم بعينه نعم وبه صرح في الدروس وظاهرهم في مسألة ما لو نوى في رمضان غيره ان اجزاء غيره عنه مع الجهل به اتفاقي كما صرح به في المدارك ولو ظهر ذلك في أثناء النهار جدد نية الوجوب ولو كان قبل الغروب لأنه بمنزلة العدول في وجوب تجديد النية للمعدول إليه ولو أصبح بنية الافطار فظهر انه من الشهر ولم يكن تناول شيئا من المفطرات جدد نية الصوم وأجزء لما تقدم من جواز تأخير النية عن أول النهار للجاهل والناسي إلى أن تزول الشمس واما لو زالت الشمس فقد مضى وقت النية وامسك واجبا بقية النهار وقضى إما وجوب القضاء فلفوات الصوم واما وجوب الامساك فهو المشهور بل عن الخلاف الاجماع عليه وعن المنتهى والتذكرة نسبة الخلاف إلى عطا واحمد وانه لم يقل به غيرهما ولم أجد عليه دليلا ظاهرا والتمسك بقاعد الميسور لا يخفى ما فيه وفي المسالك انه لو أفطر وجب الكفارة إذ لا منافاة بين وجوبها وعدم صحة الصوم بمعنى اسقاط القضاء والظاهر أنه تعليل لعدم المانع عن الكفارة وجعل المقتضى لها من عموم أدلة ثبوتها بمجرد الافطار في رمضان مفروغا عنه وفيه تأمل بل منع كما لا يخفى ولابد من استمرار النية حكما بمعنى وجوبه تكليفا وفي شرح الشهيد انه لا نزاع فيه وهو مبنى على وجوب العزم على الواجب أو حرمة العزم على الحرام أو التردد فيه والمراد بالاستمرار حكما ان لا يحدث ما يخالف نية الصوم من نية الخلاف أو التردد إما وجوبه شرطا فظاهر المصنف هنا والمختلف تبعا لأبي الصلاح وحينئذ فلو عقد الصوم بنية صحيحة ثم جدد في أثناء النهار نية الافساد يبطل صومه على رأى محكى عن السيد في بعض رسائله وأبى الصلاح والمصنف قدس سره وولده والشهيدان والمحقق الثاني لعموم قوله لا عمل الا بنية الظاهر في وجوب تلبس مجموعه بها ومقتضى ذلك وجوب تلبس امساك كل جزء من النهار بنية فعل الصوم امتثالا لأمر الله كما هو الشأن في الصلاة والطهارات ونحوها من العبادات المركبة الا ان الدليل قام على أن امساك جزء لو خلى عن تلك النية إما لغروبها أو لعدم القدرة على المفطر أو لغير ذلك مما يقع معه الكف لا مستندا إلى قصد الامتثال لم يقدح في الصوم خلافا للصلاة وأشباهها من الوجوديات المخصة إما لو تلبس بامساك جزء من النهار باضمار عدم كونه صائما في الحال أو العزم على الافطار في الاستقبال فالامساك في هذا الجزء غير متلبس بنية الامتثال ولم يدل دليل على عدم قدحه فيبقى تحت عموم لا عمل الا بنية ومما ذكر ظهر ان مستند البطلان في المسألة هو تلبس امساك جزء من النهار بقصد خلاف الصوم فيفسد وبفساده يفسد الصوم لأنه لا يتبعض لا مجرد نية الافساد حتى يقال إن المفطرات محصورة وليس منها نية الافطار واضعف من ذلك التمسك هنا باستصحاب صحة الصوم لما عرفت مرارا من أن الصحة في الأجزاء وان ثبت على وجه القطع الا انه لا يجدى مع الشك في فساد اللاحقة ومثله في الضعف ما ذكره الشهيد في بيان أقوى معتمدا لسيد واتباعه ممن قال بالصحة من أن هذا العزم ينافي النية لا حكمها الثابت بانعقاد الذي لا ينافيه النوم والغروب اجماعا وهو أشد منافاة من نية المنافى والنية لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم اجماعا فلا يتحقق المنافاة إذ فيه ان منافاة هذا العزم لأصل النية كافية في البطلان بعد ثبوت وجوب تلبس مجموع العمل بالنية بمقتضى عموم مثل قوله لاعمل الا بنية وخروج بعض الصور مثل صورة النوم أو عدم القدرة على المفطر لا يوجب التعدي إلى غيرها الا ان يقال إن المراد بالنية في قوله لا عمل الا بنية ونحوه إن كانت هي الصورة المخطرة المقارنة في بعض العبادات والمتقدمة بزمان خاص في بعضها الأخر كالصوم فالمفروض حصولها فيما نحن فيه وإن كان المراد بها هي الداعية إلى العمل ويكون مقتضى الرواية وجوب تلبس مجموع العمل جزء فجزء بها فنقول ان الرواية ومثلها مختصة بما إذا أمكن استناد مجموع العمل إلى النية أو كما في الوجوديات المخصة واما في التروك المستمرة فاستناد مجموع اجزائها إلى الباعث الأول غير ممكن مع تحقق أسباب عدم القدرة على الفعل في بعض الإناث وقوله لاعمل الا بنية انما يدل على فساد العمل الخالي عن النية لأجل خلوه عنها وبعد تقييد ذلك بصورة الامكان فالعمل الذي لا يمكن فيه ذلك لا فساد فيه لأجل خلوه جزء فجزء عن النية فيثبت صحته بالاطلاقات ودعوى بدلية استمرار النية حكما عن النية الحقيقية في وجوب تلبس كل جزء به محتاجة إلى البينة فالأقوى ما ذهب إليه المشهور من عدم البطلان لأصالة البراءة عن وجوب الاستمرار شرطا وأصالة البراءة عن القضاء فضلا عن الكفارة التي بها قال أبو الصلاح كما عن الفخر في حاشية الكتاب وقد تقدم ان مجرد فساد الصوم وعدم انعقاده لا يوجب ثبوت الكفارة واعلم أن الظاهر أن قصد الافطار على القول بكونه مفسدا فإنما يفسد من جهة منافاته لاستمرار النية الأولى فإذا لم يكن كذلك بل كان مبنيا على اعتقاد زوال الحكم تلك النية لأمر اخر أو على التردد في زواله وبقائه فالظاهر أنه غير قادح كما لو نوى الافطار لحدوث (ان اليوم من شوال أو الحدوث صح) اعتقاد فساد الصوم بسبب آخر أو تردد في الافطار لأجل التردد في صحة صومه من جهة ثم تبين الخلاف في جميع ذلك فإنه لا يفسد صومه وقد مر نظير ذلك في نية الصلاة ثم إن صريح كلام المصنف قدس سره في المنتهى على ما حكى تبعا للمحقق في الشرايع توقف صحة الصوم بعد نية الخلاف على تجديد النية وقد يناقش في ذلك تبعا لما في المدارك بان نية الخلاف إذا لم تكن مؤثرة في البطلان فلا حاجة إلى تجديدها ولعل منشأ المناقشة ان الترك في كل جزء إذا لم يلزم مصاحبة لاستمرار النية فلا فرق بين الجزء الأخير وما قبله ودعوى ان الجزء الأخير لا يجوز فيه نية الافطار وان جازت فيما قبله يحتاج إلى دليل فارق هذا ويمكن ان يقال إن الإطاعة بالصوم إلى الليل وامتثال قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل لا يحصل عرفا الا إذا تعقب قصد الافطار رجوع واستمرار على النية الأولى إلى الليل واعلم أن قول المصنف ولو نوى الافساد ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم يجز به على رأى يمكن ان يكون من تتمة المسألة الأولى ويكون المقصود من ذلك أن تجديد النية بعد نية الافساد
(٥٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572