المقصد الرابع في غسل الأموات وهو فرض بالضرورة من الدين لكنه على الكفاية بلا خلاف بين أهل العلم كما عن المنتهى وكذا باقي احكامه من التكفين والصلاة عليه والدفن باجماع العلماء كما عن التذكرة ومذهب أهل العلم كما عن المعتبر وبلا خلاف كما عن الغنية وهي الحجة بعد ظهور جملة من الأخبار الواردة في جملة من احكام الميت دون ما يقال من انا نعلم أن مقصود الشارع وجود الفعل في الخارج لا عن مباشر معين فان ذلك لا يثبت الا سقوط الواجب بفعل أي مباشر كان وهذا لا يوجب الوجوب الكفائي على جميع المباشرين لان غير الواجب قد يسقط به الواجب ولذا يسقط وجوب الاستقبال بالميت بفعل صبي بل بهيمة أو ريح عاصف بل صرح جماعة بجواز تغسيل الصبي المميز للميت وحينئذ فيحتمل ان يكون أمور الميت واجبة على بعض مستحبة على اخر ويسقط الواجب بفعلهم مع أنها مصادرة في مقابل من يقول بوجوبها على الولي عينا فان امتنع فعلى غيره كفاية كما اختاره في الحدائق حيث قال إن الذي يظهر لي من الاخبار ان توجه الخطاب لجميع هذه الأحكام يعنى احكام الاختصار ونحوها انما هو إلى الولي كاخبار الغسل والصلاة والدفن والتلقين كما ستقف عليها واخبار توجيه الميت إلى القبلة وان لم يصرح فيها بالولي الا ان الخطاب فيها لأهل الميت دون كافة المسلمين فيمكن حمل اختلافها على ما دل عليه تلك الأخبار ولا اعرف للأصحاب مستندا فيما صار واليه من الواجب الكفائي الا ما يظهر من دعوى الاتفاق حيث لم ينقل فيه خلاف ولم يناقش فيه مناقش إلى أن قال نعم لو أخل الولي بذلك ولم يكن هناك حاكم شرع يجبره على القيام بذلك أو لم يكن ثمة ولى انتقل الحكم إلى المسلمين بالأدلة العامة كما يشير إليه اخبار العراة الذين وجدوا ميتا قذفه البحر ولم يكن عندهم ما يكفنونه وانهم أمروا بالصلاة عليه وربما يقال إن الوجوب كفاية شامل للولي وغيره وإن كان الولي أو من يأمره أولي بذلك فيكون هذه الأولوية أولوية استحباب وفضل كما يفهم من عبارة الشرايع في مسألة التغسيل وقوله إنه فرض على الكفاية واولى الناس به أوليهم بميراثه وبه صرح في المنتهى حيث قال ويستحب ان يتولى تغسيله أولي الناس به انتهى ثم اخذ في رد القول بالاستحباب بأنه فرع الدليل على الوجوب الكفائي أولا وانهم ذكروا في الصلاة انه لا يجوز التقدم بدون اذن الولي والظاهر أنه لا فرق بين الصلاة وغيرها أقول إما ما ذكره من ظهور الاخبار في الوجوب عينا على الولي ففيه انا لم نعثر على خبر ظاهر في ذلك عدا ما ربما يتراءى مما ورد في الغسل والصلاة من أنه يغسل الميت أولي الناس وانه يصلى على الجنازة أولي الناس بها ولا يخفى على المتأمل في تلك الأخبار ان المراد بها ثبوت كون الولي أحق بذلك من غيره بمعنى انه حق له وحقيق به لا انه يجب على الولي ان يفعل ذلك أي في مقام اثبات حق له لا في مقام اثبات تكليف عليه وليس في أراد المعنى؟؟ الأول مخالفة لظاهر الجملة الخبرية كما لا يخفى ويشهد لما ذكرنا قوله (ع) في ذيل الرواية الثانية أو يأمر من يجب فان التعبير عن الاذن بلفظ الامر وعن المأمور بمن أحب قرينة عند الذوق السليم على أن المقام مقام اثبات حق ومنصب للولي لا مقام الزامه بكلفة والا كان المناسب أن يقول أو يلتمس واحدا ويشهد له أيضا ما ورد في الزوج من أنه أحق بزوجته من أبيها وأخيها وولدها فان التعبير بالأحق ظاهر بل صريح في أن المقام مقام اثبات الحق وأظهر من ذلك قوله (ع) في رواية طلحة بن زيد إذا حضر الامام الجنازة فهو أحق الناس بالصلاة عليها وفى أخرى فهو أحق ان قدمه الولي والا فهو غاصب بمعنى ان الولي إذا لم يقدم امام الأصل فهو غاصب لحقه والحاصل ان المتأمل في هذه الأخبار يتضح له ان مساقها ما ذكرنا واما ما نسبه إلى ظاهر الشرائع فلم يعلم وجهه وان أي كلام منه يدل على ما ذكره فان أراد به التعبير بقوله واولى الناس به إلى آخره فهذا التعبير قد صدر منه ومن غيره من المشهور هنا وفى باب الصلاة على الميت نعم ما نسبه إلى المنتهى تبعا للمحقق الأردبيلي ربما يشهد له تأييد الحكم فيه بمرسلة الصدوق يغسل الميت أولي الناس به الا ان حمل كلامه على استحباب المباشرة ليس بذلك البعيد بل جزم به بعض المعاصرين ونظير نسبة الاستحباب إلى الشرايع من جهة العبارة المذكورة نسبة ما اختاره في المسألة إلى ظاهر كلام الشهيد أو صريحه حيث قال في الذكرى النظر الأول في الغاسل واولى الناس به أوليهم بميراثه وكذا باقي الاحكام لعموم أية أولي الأرحام ثم ذكر الآية والروايات المقدم بعضها قال في الحدائق وربما اشعر هذا الكلام بعدم الوجوب على كافة المسلمين كما هو المشهور بل على الولي خاصة ويؤيده قوله في الكتاب المذكور على اثر هذا الكلام فرع لو لم يكن ولى فالامام وليه مع حضوره ومع غيبته فالحاكم ومع عدمه فالمسلمون ولو امتنع الولي ففي اجباره نظر من الشك في أن الأولوية نظر له أو للميت انتهى قال وهذا كالصريح في تعلق الوجوب بالولي خاصة دون المسلمين المعبر عنه بالواجب الكفائي انتهى وليت شعري أي اشعار للكلام الأول باختصاص الوجوب بالولي سيما مع استدلاله
(٢٧٥)