العكس وهو المطلوب ثم إن ما ذكرنا في الصوم من اتحاد حقيقة الواجب والمندوب منه لو لم يكن معلوما كفى احتماله من جهة الشك في ثبوت الطلب الندبي (ح) وعمومات الندب لو كانت لا ينافي الوجوب التخييري في حق هذا المكلف الذي وجب عليه الصوم فان قوله صم أول خميس كل شهر لا يدل الا على مطلوبية ايقاع المهية في هذا اليوم ندبا ويمكن للمكلف بقضاء رمضان ايقاع القضاء في هذا اليوم ليفوز بامتثال هذا المطلوب فيصير تلك الأوامر الندبية بالنسبة إليه راجعا إلى أفضل الفردين من الواجب التخييري وبالنسبة إلى غيره مستحبا صرفا وليس هذا استعمالا للفظ في معنيين كما لا يخفى مسألة إذا بلغ الصبى في أثناء النهار فإذا كان بعد الزوال فلا خلاف ظاهرا في عدم وجوب الصوم ولا قضاء عليه و (كك) إذا تناول شيئا مطلقا وإن كان قبله فالمشهور انه (كك) وعن الشيخ في الخلاف انه لو دخل في الصوم بنية الندب ثم بلغ أمسك وجوبا وعن ابن حمزة وجوب الامساك ولو لم يدخل فيه وقواه في المعتبر والمدارك نظرا إلى أنه يتمكن من نية الصوم بحيث تسرى إلى أول النهار فان زمان النية باق إلى الزوال وتوضيحه ان الأخبار الكثيرة دلت على جواز تجديد نية الصوم الغير المعين إلى الزوال (مط) وفي المعين للناسي ولا ريب في تحقق حقيقة الصوم مع ذلك لا انه في حكم الصائم فيكشف ذلك عن أن الصوم يصدق حقيقة على امساك مجموع النهار مع النية قبل الزوال وهذا المعنى يتأتى من الصبى إذا بلغ في أثناء النهار ولم يتناول شيئا فيمكن ان يكلف بالصوم وهو الامساك المذكور مع النية قبل الزوال وجزء من الامساك وان تحقق قبل البلوغ الا ان أدلة وجوب الصوم تدل على وجوب جعله مع الامساك في باقي النهار صوما بان ينوى الصوم ويمسك إلى الليل ولا استبعاد في عدم اتصاف الجزء السايق بالوجوب كما في الصوم الموسع والمندوب فحقيقة الصوم يوجد من الممسك أول النهار بان يجدد النية قبل الزوال ولهذا يمتثل بذلك أوامر الصوم الايجابية والندبية وأوضح من ذلك لو قلنا بامتداد وقت النية في المندوب إلى الغروب ودعوى ان ذلك في الواجب والمندوب في حكم الصوم يدفعه اطلاقات الاخبار بحصول الامتثال وبهذا يتضح عدم الفرق بين ما إذا دخل الصبى في الصوم على وجه الندب كما هو مورد كلام الشيخ أو لم يدخل كما هو مقتضى استدلال المحقق وصاحب المدارك وما ذكر وإن كان يتوهم جريانه في مثل الحائض إذا طهرت قبل الزوال الا ان ظاهر غير واحد من الأخبار الدالة على عدم صحة الصوم منها إذا طهرت في أول النهار معللا بان افطارها من الدم ان وجود حدث الحيض بنفسه مفطر ومانع عن تحقق الصوم فهو بمنزلة الأكل والشرب في عدم انعقاد الصوم بعدهما واما الكافر فصحيحة العيص الدالة على أنه لا يجب عليه صوم يومهم الذي أسلموا فيه الا ان يسلموا قبل الفجر تكشف عن أن الفجر (ايض) مانع عن الصحة كالحيض أو عن أن الاسلام يجب ما قبله حتى يكشف عن انه لا يقبل ان يقع الجزء السابق من الامساك الذي حصل قبل الاسلام متصفا بأنه جزء الواجب لكن هذا الوجه ضعيف والمعتمد الأول ومما ذكرنا ظهر وجه وجوب الامساك على المريض إذا برئ قبل الزوال كما هو المتفق عليه ظاهرا كما حكى عن غير واحد هذا ولكن الا ظهر ان (يق) بان مقتضى القاعدة مع قطع النظر عما دل على جواز تجديد النية قبل الزوال هو عدم اتصاف صوم مجموع النهار بالوجوب إذ لا يعقل اتصاف الشئ بعد الوقوع والانقضاء بصفة واما تلك الأخبار فإنما دلت على كون الامساك في أول النهار القابل للاتصاف بالوجوب واجبا لسراية النية اللاحقة والقابل للاستحباب مستحبا والامساك المتحقق من الصبى قبل البلوغ لا يقبل الاتصاف بالوجوب فلا يصير جزء واجب فلا يتصف الباقي بالوجوب فقط لأن الصوم لا يتبعض والحاصل ان النية اللاحقة انما دل الدليل على تأثيرها في الامساك السابق بحيث تجعله جزء واجب إذا كان في نفسه متصفا بالوجوب وجامعا لشرائط الصحة وكذا تجعل ذلك الجزء جزء مستحب إذا كان في نفسه محكوما بالاستحباب جامعا لشرائط الصحة والحاصل ان الدليل دل على أن اتمام الامساك المتحقق في ما قبل الزوال يعد صوما واجبا ويخرج به عن عهدة الصوم الواجب إذا تحقق الوجوب حين الامساك الخالي عن النية فان النية لا تجعل غير الواجب المحقق سابقا متصفا بالوجوب بعد تحققه وانما تجعل المتصف بالوجوب الخالي عن النية بمنزلة المنوي فنية الصبى لا تؤثر في ايجاد صفة الوجوب لما تحقق من الامساك فهو باق على عدم وجوبه وتعلق الايجاب بالامساك الباقي ليس ايجابا للصوم بل هو تكليف اخر لا دليل عليه لأن الصوم لا يتبعض هذا كله مع أن الاخبار في كفاية النية قبل الزوال مختصة بغير المعين ومسألة الصبى في رمضان الذي حكم بعدم كفاية تأخر نيته عن الليل الا للناسي والجاهل والصبي ليس واحدا منهما فيدخل في عموم قوله لا عمل الا بنية الظاهر في التقارن وصريح قوله لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل وحاصل هذا الجواب يرجع إلى بطلان هذا العمل من جهة فوات النية كما أن حاصل الأول يرجع إلى عدم قابلية اتصاف المجموع بالوجوب لا بنفسه لعدم تعلقه ولا بتأثير النية لعدم الدليل على تأثيرها في الايجاب اللهم الا ان يجاب عن الوجه الثاني باختصاص أدلة مقارنتها بمن تلبس بأول الفعل بصفة الوجوب فبعد تسليم صدق الصوم مع تأخر النية فتشتمله أدلة الصوم والنية انما يشترط تقدمه إلى ما كان العمل في أوله متصفا بالوجوب ومما ذكرنا يظهر ان حكم المريض إذا برئ قبل الزوال هو وجوب الامساك لأن الصوم واجب عليه إما في هذا اليوم أو قضائه في يوم اخر فالامساك المتحقق منه انما يتحقق في زمان اشتغال ذمته بالصوم أداء وقضاء فإذا برئ ونوى سرى نيته إلى الامساك اللاحق (وسراية نية الوجوب إلى الامساك السابق بحيث تخرجه عن الاستحباب إلى الوجوب صح) (فت) ومما ذكرنا يظهر انه إذا دخل الصبى في الصوم المستحب لم يجب عليه اتمامه لعدم الدليل على ذلك لان أدلة وجوب الصوم انما تدل على وجوب امساك مجموع النهار وهو لا يتصف في حقه بالوجوب (السابق) غير معلوم فتعلق الوجوب عليه يحتاج إلى دليل يوجب عليه الامساك الباقي أو يجعل السابق جزء للواجب والمفروض عدم ثبوت الأول لان المستدل انما استدل بالاخبار الدالة على الثاني اللهم الا ان يدعى الأول و (يق) ان الفعل مطلوب عنه ففي بعض اجزائه يرضى الشارع بالترك وفي بعضها لا يرضى و (يق) بذلك في الصلاة وسائر عباداته الواجبة إذا دخل فيها مستحبا فبلغ (فت) فإنه مشكل وقول المشهور أقوى بل عن الحلى دعوى ان ما ذكره الشيخ خلاف اجماع الأصحاب مسألة (الظ) انه لا خلاف في أن من فاته صيام شهر رمضان لعذر أو أفسده أو تركه عمدا أو سهوا فعليه القضاء الا ما خرج بالدليل ويمكن ان يستدل لهذا الأصل بوجوه الأول قوله (تع) ولتكملوا العدة دلت الآية على أن الله سبحانه
(٥٩٠)