ذلك المسلم عالما بتنجس بدنه أو ثوبه وفاقا للشهيدين في الذكرى والمقاصد العلية بل يستفاد من تعليل الأصحاب المتقدمة حكايته عن الشهيد عدم الخلاف فيه بينهم كما اعترف بذلك في التمهيد وكيف كان فوجه الاعتبار ظاهر مما ذكرنا إذ لا اجماع ولا سيرة مع الجهل ولا يعقل معه اخبار المسلم وشهادته حالا أو مقالا بالتطهير بل غاية الأمر شهادته بالطهارة وهي وإن كانت قوليه لا تقبل منه مع العلم بجهله أو غفلته عن التنجس وابتناء شهادته على الأصل أو اعتقاد عدم العروض والأدلة المذكورة أيضا لا تفي بصورة الجهل ولو شك في العلم فالأصل عدمه كما أنه لو شك في الغفلة فالأصل عدمها ويظهر ضعف القول باعتبار العلم إما مطلقا كما هو المحكي عن ظاهر السيد في منظومته والشيخ في كشف الغطاء واللوامع أو في البلد خاصة دون الثوب كما عن الموجز والمراد بالعلم بالنجاسة لا مجرد العلم بالسبب مع اعتقاد عدم التنجس لشبهة ناشئة عن قصور أو تقصير واما اشتراط أهلية الإزالة المفسرة فيما حكى عن المقاصد العلية بكونه مميزا معتقدا للنجاسة فمستدرك بعد اعتبار العلم بالتنجس وشهادة حاله بالإزالة واما اشتراط التكليف كما عن الذكرى وإن كان مطابقا للأصل وغيره منفى بأكثر الأدلة المتقدمة الا ان السيرة ولزوم الجرح كافيان في الحكم نعم يشكل الامر في غير المميز هل يلحق بالحيوانات أو بالانسان أو لا يلحق بأحدهما بل يحكم عليه بمقتضى الأصل ولا يبعد جعله من توابع الانسان مثل فرشه وأوانيه وكيف كان فالقول الأول في أصل المسألة وهو الاكتفاء بمجرد احتمال الزوال ضعيف لا دليل عليه وان حكى الاجماع عليه عن بعض شراح المنظومة المصرح باختيار هذا القول مستمسكا بالسرة القطعية والاجماع ممنوع جدا بل الظاهر من التعليل المقدم عن التمهيد هو الاتفاق على اختصاص الحكم بمورد التعليل وليس من الظاهر من حاله أو مقاله إزالة تلك النجاسة ولا ريب ان من تنجس يده ثم غاب عنا ثم رأيناه ولم يظهر احتمال أو عمل يظهر منه انه أزال تلك النجاسة بان يشتغل بالصلاة أو بالوضوء أو بأكل أو شرب أو تناول مايع بتلك اليد النجسة لا يلزم من الحكم ببقاء النجاسة الحكم بعدم تنزه هذا الشخص عن النجاسة لان تنزه المسلم عن النجاسة من حيث هو مسلم انما هو فيما يعتبر فيه الطهارة لا مطلقا كما لا يخفى ومما ذكرنا يظهر ان التلبس بفعل يشترط الطهارة في كماله لا ينفع واضعف مما ذكر القول الثاني وهو الاكتفاء بظن الإزالة ان أريد به مطلق الظن دون الحاصل من قوله وفعله ووجه ضعفه ان الظن المطلق لم يثبت حجيته فهو كالشك فالفرق بينهما غير وجيه واعلم أن مرادنا بالظن الخاص الحاصل من شهادة حال المسلم هو الظن النوعي فلا يعتبر الظن في خصوص كل واقعة كما هو ظاهر بعض الأدلة المتقدمة وصريح روايات كراهة سور الحائض والجنب المتهمين ومنها انتقال النجاسة إلى البواطن ذكره ابن فهد في موجزه وفرع عليه ما ذكره بقوله فدمع المكتحل بالنجس وبصاق التمثيل أعني شارب الخمر طاهران انتهى وفى العبارة ما لا يخفى عن التسامح وذكره غيره ان البواطن تطهر بزوال عين النجاسة عنها وهو لا يخلوا عن قصور توضيح الحال في البواطن ان الكلام يقع تارة في حكم النجاسة الكائنة في البواطن واخرى في تأثر البواطن بها وثالثة في تأثر ما يحدث فيها من الرطوبات ورابعة في تأثر ما يدخل من الخارج إليها والكلام في كل تارة يقع في النجاسة الحادثة في البواطن واخرى في النجاسة الداخلة إليها من الخارج فنقول إما النجاسة الكائنة في البواطن فإن كانت عينية حادثة فيها كالدم الحادث في الفم وجوف الانف فالظاهر أنه لا حكم لها فيجوز معها الصلاة ودخول المساجد وان منعنا عن حمل النجاسة في الصلاة وادخالها في المسجد مطلقا ويدل عليه بعد ظهور الاجماع اطلاق ما دل على أنه لا يجب غسل ما عدا ظاهر الانف وإن كانت عينا خارجية دخلت فيه أو متنجسا مطلقا فالظاهر ثبوت حكم النجاسة إذا كان في مثل الفم والأنف ونحوهما مما يمكن تطهيره دون مثل الجوف والدماغ ونحوهما فلو اكل نجسا أو متنجسا فبقيت اجزائه في الفم لم تجز له الصلاة ودخول المساجد على القول بالمنع عن الصلاة مع النجاسة وادخالها في المسجد لعموم أدلة المنع عنهما على القول بها خرج ما كان منها في مثل الجوف بالاجماع والسيرة وبعض الأخبار قال في الموجز ولو وضع في جيبه درهما نجسا اخرج للصلاة وتبعه شارحه باينا له على منع حمل النجاسة في الصلاة واما حكم تأثر البواطن وما يحدث فيها فالظاهر أنه لا اشكال في عدم تنجس البواطن وما يحدث فيها من الرطوبات بالنجاسة المتكونة فيها أو الداخلة من الخارج إليها ويدل عليه مضافا إلى ظهور عدم الخلاف كما يظهر من شارح الروضة ظهور انصراف دليل تأثر ملاقي النجس إلى غير البواطن لو كان اطلاقا لفظيا كيف وليس الدليل الا الاجماع المفقود في المقام بل لا يبعد دعواه على العكس كما يظهر من الوحيد في شرح المفاتيح حيث قال إنه لا اجماع على تنجس البواطن لو لم نقل بالاجماع على العدم لكن الانصاف ان منع شمول معاقد اجماعهم على تأثر الملاقى لمثل الفم ومقدم الانف ونحوهما مكابرة فالأولى التمسك بعد ظهور عدم الخلاف وبما في الصحيح عن صفوان عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (ع) في رجل يشرب الخمر فبصق فأصاب ثوبي عن بصاقه قال لا باس به لكن الرواية وعدم ظهور الخلاف غايتهما عدم ثبوت حكم النجاسة بعد زوال العين فلعله مطهر كما
(٣٩٠)