كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٠
ذلك المسلم عالما بتنجس بدنه أو ثوبه وفاقا للشهيدين في الذكرى والمقاصد العلية بل يستفاد من تعليل الأصحاب المتقدمة حكايته عن الشهيد عدم الخلاف فيه بينهم كما اعترف بذلك في التمهيد وكيف كان فوجه الاعتبار ظاهر مما ذكرنا إذ لا اجماع ولا سيرة مع الجهل ولا يعقل معه اخبار المسلم وشهادته حالا أو مقالا بالتطهير بل غاية الأمر شهادته بالطهارة وهي وإن كانت قوليه لا تقبل منه مع العلم بجهله أو غفلته عن التنجس وابتناء شهادته على الأصل أو اعتقاد عدم العروض والأدلة المذكورة أيضا لا تفي بصورة الجهل ولو شك في العلم فالأصل عدمه كما أنه لو شك في الغفلة فالأصل عدمها ويظهر ضعف القول باعتبار العلم إما مطلقا كما هو المحكي عن ظاهر السيد في منظومته والشيخ في كشف الغطاء واللوامع أو في البلد خاصة دون الثوب كما عن الموجز والمراد بالعلم بالنجاسة لا مجرد العلم بالسبب مع اعتقاد عدم التنجس لشبهة ناشئة عن قصور أو تقصير واما اشتراط أهلية الإزالة المفسرة فيما حكى عن المقاصد العلية بكونه مميزا معتقدا للنجاسة فمستدرك بعد اعتبار العلم بالتنجس وشهادة حاله بالإزالة واما اشتراط التكليف كما عن الذكرى وإن كان مطابقا للأصل وغيره منفى بأكثر الأدلة المتقدمة الا ان السيرة ولزوم الجرح كافيان في الحكم نعم يشكل الامر في غير المميز هل يلحق بالحيوانات أو بالانسان أو لا يلحق بأحدهما بل يحكم عليه بمقتضى الأصل ولا يبعد جعله من توابع الانسان مثل فرشه وأوانيه وكيف كان فالقول الأول في أصل المسألة وهو الاكتفاء بمجرد احتمال الزوال ضعيف لا دليل عليه وان حكى الاجماع عليه عن بعض شراح المنظومة المصرح باختيار هذا القول مستمسكا بالسرة القطعية والاجماع ممنوع جدا بل الظاهر من التعليل المقدم عن التمهيد هو الاتفاق على اختصاص الحكم بمورد التعليل وليس من الظاهر من حاله أو مقاله إزالة تلك النجاسة ولا ريب ان من تنجس يده ثم غاب عنا ثم رأيناه ولم يظهر احتمال أو عمل يظهر منه انه أزال تلك النجاسة بان يشتغل بالصلاة أو بالوضوء أو بأكل أو شرب أو تناول مايع بتلك اليد النجسة لا يلزم من الحكم ببقاء النجاسة الحكم بعدم تنزه هذا الشخص عن النجاسة لان تنزه المسلم عن النجاسة من حيث هو مسلم انما هو فيما يعتبر فيه الطهارة لا مطلقا كما لا يخفى ومما ذكرنا يظهر ان التلبس بفعل يشترط الطهارة في كماله لا ينفع واضعف مما ذكر القول الثاني وهو الاكتفاء بظن الإزالة ان أريد به مطلق الظن دون الحاصل من قوله وفعله ووجه ضعفه ان الظن المطلق لم يثبت حجيته فهو كالشك فالفرق بينهما غير وجيه واعلم أن مرادنا بالظن الخاص الحاصل من شهادة حال المسلم هو الظن النوعي فلا يعتبر الظن في خصوص كل واقعة كما هو ظاهر بعض الأدلة المتقدمة وصريح روايات كراهة سور الحائض والجنب المتهمين ومنها انتقال النجاسة إلى البواطن ذكره ابن فهد في موجزه وفرع عليه ما ذكره بقوله فدمع المكتحل بالنجس وبصاق التمثيل أعني شارب الخمر طاهران انتهى وفى العبارة ما لا يخفى عن التسامح وذكره غيره ان البواطن تطهر بزوال عين النجاسة عنها وهو لا يخلوا عن قصور توضيح الحال في البواطن ان الكلام يقع تارة في حكم النجاسة الكائنة في البواطن واخرى في تأثر البواطن بها وثالثة في تأثر ما يحدث فيها من الرطوبات ورابعة في تأثر ما يدخل من الخارج إليها والكلام في كل تارة يقع في النجاسة الحادثة في البواطن واخرى في النجاسة الداخلة إليها من الخارج فنقول إما النجاسة الكائنة في البواطن فإن كانت عينية حادثة فيها كالدم الحادث في الفم وجوف الانف فالظاهر أنه لا حكم لها فيجوز معها الصلاة ودخول المساجد وان منعنا عن حمل النجاسة في الصلاة وادخالها في المسجد مطلقا ويدل عليه بعد ظهور الاجماع اطلاق ما دل على أنه لا يجب غسل ما عدا ظاهر الانف وإن كانت عينا خارجية دخلت فيه أو متنجسا مطلقا فالظاهر ثبوت حكم النجاسة إذا كان في مثل الفم والأنف ونحوهما مما يمكن تطهيره دون مثل الجوف والدماغ ونحوهما فلو اكل نجسا أو متنجسا فبقيت اجزائه في الفم لم تجز له الصلاة ودخول المساجد على القول بالمنع عن الصلاة مع النجاسة وادخالها في المسجد لعموم أدلة المنع عنهما على القول بها خرج ما كان منها في مثل الجوف بالاجماع والسيرة وبعض الأخبار قال في الموجز ولو وضع في جيبه درهما نجسا اخرج للصلاة وتبعه شارحه باينا له على منع حمل النجاسة في الصلاة واما حكم تأثر البواطن وما يحدث فيها فالظاهر أنه لا اشكال في عدم تنجس البواطن وما يحدث فيها من الرطوبات بالنجاسة المتكونة فيها أو الداخلة من الخارج إليها ويدل عليه مضافا إلى ظهور عدم الخلاف كما يظهر من شارح الروضة ظهور انصراف دليل تأثر ملاقي النجس إلى غير البواطن لو كان اطلاقا لفظيا كيف وليس الدليل الا الاجماع المفقود في المقام بل لا يبعد دعواه على العكس كما يظهر من الوحيد في شرح المفاتيح حيث قال إنه لا اجماع على تنجس البواطن لو لم نقل بالاجماع على العدم لكن الانصاف ان منع شمول معاقد اجماعهم على تأثر الملاقى لمثل الفم ومقدم الانف ونحوهما مكابرة فالأولى التمسك بعد ظهور عدم الخلاف وبما في الصحيح عن صفوان عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (ع) في رجل يشرب الخمر فبصق فأصاب ثوبي عن بصاقه قال لا باس به لكن الرواية وعدم ظهور الخلاف غايتهما عدم ثبوت حكم النجاسة بعد زوال العين فلعله مطهر كما
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572