المكلف صوما واحدا ان يقصد صوم الغد امتثالا لأمر الله تعالى نعم لابد في غيره مما إذا كان على المكلف صوما أكثر من نوع واحد وجوبا أو استحبابا من التعيين عند الأصحاب كما يظهر من المعتبر وعن التحرير الاجماع عليه قيل وعن التنقيح نفى الخلاف فيه لما مر هنا وفي نية الصلاة من أن امتثال الامر الخاص موقوف على قصد ما هو مأمور به بذلك الامر هذا إذا اختلف الفردان في الحقيقة وأما إذا اتفقا بحيث لا مغايرة بينهما الا بحسب الوجود الخارجي فلا تعيين هنا (أيضا) كما إذا وجب عليه صوم يومين بنذرين فإنه لا يجب خصوص كل من النذرين في كل واحد بل هو بمنزلة ما إذا نذر صوم يومين بنذر واحد ولو شك في اختلاف الحقيقة واتحادها بنى على وجوب التعيين لعدم القطع بتحقق الامتثال بدونه وليس هذا من الشك في مدخلية شئ في المأمور به حتى ينفى بأصل البراءة أو باطلاقات الصوم بل هو شك في تحقق عنوان الإطاعة بالاتيان بالمأمور به على هذا الوجه وليس هنا اطلاق يرجع إليه ثم إن المراد بغير المعين ما يجوز وقوع غيره في ذلك الزمان فيشمل مثل اليوم الذي ندب فيه الصوم بالخصوص كأيام البيض أو بالعموم كمطلق الأيام الا ان الشهيد في البيان الحق المندوب بالخصوص بالصوم المعين في عدم افتقاره إلى التعيين وحكى في الروضة عن بعض تحقيقاته الحاق المطلق المندوب واستحسنه ونفى الباس عن جميع ذلك في المدارك والرياض ولعله وجهه ان قصد مطلقا الصوم في الغد يرجع إلى الموظف فيه بأصل الشرع فكما ان صوم شهر رمضان حقيقة متغايرة لغيره من أنواع الصيام فكذلك صوم أول رجب مثلا حقيقة مغايرة لصوم القضاء عن يوم اخر أو صوم النذر أو نحو ذلك فيكون الصوم المندوب بمنزلة النوافل غير ذوات الأسباب لا يحتاج إلى قصد ما عدا جنس الصوم إذ ليس له مقوم سوى وقوعه في الغد نعم لو أراد ايقاع حقيقة أخرى فيه كالقضاء أو الكفارة أو النذر لزم التعيين ويجب في النية وجوبا شرطيا ايقاعها ليلا ولا يجوز تأخيره عنه لئلا يقع جزء من الكف في النهار خاليا عن حكم النية ولقوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل ولا فرق بين ان يقع في أوله أو اخره لعموم الرواية وعدم تيسر ايقاعها في الأخر ليتحقق المقارنة لأول جزء من النهار وجميع ما تقدم على الأخر في مرتبة واحدة وعن بعض العامة وجوب كونها في النصف الثاني و هو ضعيف وظاهر الأصحاب عدم جواز تقديمها على الليل ولعله للاقتصار في مخالفة الأصل من وجوب المقارنة على القدر المتيقن من جواز التقديم مضافا إلى امكان الاستدلال عليه بالرواية وإن كان المتبادر منها إرادة بيان عدم جواز تأخيرها عن الليل ثم لو أخل بالنية في الليل عمدا بان عزم على العدم أو بقى مترددا إلى الفجر فلا اشكال في وجوب القضاء لفساد الصوم لفقد الشرط وهل يجب الكفارة قيل نعم وحكاه في البيان عن بعض مشايخه ولعله لصدق ترك الصوم متعمدا والكفارة وان علقت في الاخبار على الافطار الا ان الظاهر أن المناط هو ترك الصوم إذ لا واسطة بينهما ظاهرا وإن كان المتبادر من الافطار فعل أحد المفطرات الا انه تبادر بدوي لا يعتنى به ولهذا وجبت الكفارة على من بقى جنبا إلى الفجر مع أنه لم يفعل مفطرا فليس الا لعدم انعقاد صومه ودعوى ان الافطار يصدق إذا أفسد الصوم بعد انعقاده فقبله لا يسمى افطارا مكذبة بما شاع في الاخبار وكلام الفقهاء من أن المسافر يقصر ويفطر وقولهم ليوم العيد انه يوم الفطر لكن الانصاف انصراف أدلة الكفارة المعلقة على الافطار إلى فعل أحد المفطرات بل ربما يدعى وإن كان ضعيفا اختصاص الافطار بحكم الانصراف بالاكل والشرب والناسي للنية في الليل له ان يجدد النية أي يوقعها إلى الزوال بالاجماع كما في الغنية وعن ظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة لان الاخلال بما هو شرط للامساك في جزء من الزمان ليس بأعظم من الاخلال بنفس الامساك في ذلك الجزء فان الظاهر أن وجوب تقديم النية على مجموع العمل لكون تأخيرها عن بعض اجزاءه مستلزما لوقوع ذلك البعض بلا نية لا لكون نية جزء من العمل لازم التقديم على مجموع العمل فنسيان النية في جملة من النهار ليس فيه الا الاخلال بشرط الامساك في تلك الجملة ولا يحتمل بالامساك فيما بقى من النهار إذا جدد النية له وهذا الامر وإن كان يقتضى عدم الفساد وان نسيها إلى الغروب الا ان الدليل قام على ركنيتها في الجملة فتأمل وكيف كان فيكفي في الحكم مضافا إلى ما مر من الاجماعات فحوى ما دل على صحة صوم المسافر إذا قدم قبل الزوال ونوى و المريض إذا برئ فنوى وما روى من أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بعد ثبوت هلال رمضان مناديا ينادى من اكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم وعموم قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان (بناء على أن المراد صح) رفع جميع آثار الفعل التي كان تترتب على لولا النسيان لا خصوص المؤاخذة وهو حاكم على عموم قوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل وقوله لا عمل الا بالنية ولو سلم تعارضهما واغمض عما ذكر من الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة حيث لم يخالف في الحكم الا العماني على ما حكى عنه فيجب الرجوع إلى مقتضى أصالة البراءة عن القضاء ولك ان تقول ان خبر التبييت غير معلوم السند وقوله لا عمل الا بالنية لا يشمل مثل الصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات الغير المشترط بمصاحبة النية أو حكمها المستمر كما إذا نام من أول الليل بعد النية إلى ليلة أخرى والثابت من وجوب كونها في الليل في الصوم المعين بالاجماع انما هو للذاكر لا الناسي كيف وقد خرج من قوله لا عمل الواجب الغير المعين اتفاقا كما نذكر فلا مانع من أن يكون الناسي في المعين كذلك مع أن ظاهر النسيان هو عزمه على صوم الغد الا انه نسى الاخطار واما الجاهل فلا يضر جهله في عدم النية (أيضا) اتفاقا والحاصل ان النية على القول بالاخطار غير معتبرة في الصوم لا في ابتدائه ولا في استمراره مع أن ظاهر قوله لا عمل اعتبار المصاحبة لا أقل الاستدامة الحقيقية من النية واعلم أنه يجب المبادرة إلى النية عند الذكر والا بطل الصوم للاخلال به في أول انعقاده عمدا وفي حكم الناسي الجاهل بوجوب الصوم عليه كما هو ظاهر اطلاق معقد اجماع الغنية بل واجماع المعتبر والمنتهى وصريح ما روى من أمر النبي صلى الله عليه وآله المنادى بالنداء بالصوم وظاهر من تمسك بهذه الرواية لحكم النسيان كما في المعتبر وعن المنتهى اتحاد حكم النسيان والجهل فيشملها الاجماع المستظهر من كلامهما فان زالت الشمس ولم ينو فات وقتها ويجب ان يقضى الصوم لما سيجئ من أن النية بعد الزوال لا يجزى في احتساب صوم تمام اليوم الذي لابد منه في صوم رمضان وغيره من الواجب مضافا إلى المحكي عن الانتصار من ظاهر الاجماع حيث قال صوم الفرض لا يجزى عندنا الا بنية قبل الزوال مضافا إلى عموم
(٥٨٤)