كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٥٨٤
المكلف صوما واحدا ان يقصد صوم الغد امتثالا لأمر الله تعالى نعم لابد في غيره مما إذا كان على المكلف صوما أكثر من نوع واحد وجوبا أو استحبابا من التعيين عند الأصحاب كما يظهر من المعتبر وعن التحرير الاجماع عليه قيل وعن التنقيح نفى الخلاف فيه لما مر هنا وفي نية الصلاة من أن امتثال الامر الخاص موقوف على قصد ما هو مأمور به بذلك الامر هذا إذا اختلف الفردان في الحقيقة وأما إذا اتفقا بحيث لا مغايرة بينهما الا بحسب الوجود الخارجي فلا تعيين هنا (أيضا) كما إذا وجب عليه صوم يومين بنذرين فإنه لا يجب خصوص كل من النذرين في كل واحد بل هو بمنزلة ما إذا نذر صوم يومين بنذر واحد ولو شك في اختلاف الحقيقة واتحادها بنى على وجوب التعيين لعدم القطع بتحقق الامتثال بدونه وليس هذا من الشك في مدخلية شئ في المأمور به حتى ينفى بأصل البراءة أو باطلاقات الصوم بل هو شك في تحقق عنوان الإطاعة بالاتيان بالمأمور به على هذا الوجه وليس هنا اطلاق يرجع إليه ثم إن المراد بغير المعين ما يجوز وقوع غيره في ذلك الزمان فيشمل مثل اليوم الذي ندب فيه الصوم بالخصوص كأيام البيض أو بالعموم كمطلق الأيام الا ان الشهيد في البيان الحق المندوب بالخصوص بالصوم المعين في عدم افتقاره إلى التعيين وحكى في الروضة عن بعض تحقيقاته الحاق المطلق المندوب واستحسنه ونفى الباس عن جميع ذلك في المدارك والرياض ولعله وجهه ان قصد مطلقا الصوم في الغد يرجع إلى الموظف فيه بأصل الشرع فكما ان صوم شهر رمضان حقيقة متغايرة لغيره من أنواع الصيام فكذلك صوم أول رجب مثلا حقيقة مغايرة لصوم القضاء عن يوم اخر أو صوم النذر أو نحو ذلك فيكون الصوم المندوب بمنزلة النوافل غير ذوات الأسباب لا يحتاج إلى قصد ما عدا جنس الصوم إذ ليس له مقوم سوى وقوعه في الغد نعم لو أراد ايقاع حقيقة أخرى فيه كالقضاء أو الكفارة أو النذر لزم التعيين ويجب في النية وجوبا شرطيا ايقاعها ليلا ولا يجوز تأخيره عنه لئلا يقع جزء من الكف في النهار خاليا عن حكم النية ولقوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل ولا فرق بين ان يقع في أوله أو اخره لعموم الرواية وعدم تيسر ايقاعها في الأخر ليتحقق المقارنة لأول جزء من النهار وجميع ما تقدم على الأخر في مرتبة واحدة وعن بعض العامة وجوب كونها في النصف الثاني و هو ضعيف وظاهر الأصحاب عدم جواز تقديمها على الليل ولعله للاقتصار في مخالفة الأصل من وجوب المقارنة على القدر المتيقن من جواز التقديم مضافا إلى امكان الاستدلال عليه بالرواية وإن كان المتبادر منها إرادة بيان عدم جواز تأخيرها عن الليل ثم لو أخل بالنية في الليل عمدا بان عزم على العدم أو بقى مترددا إلى الفجر فلا اشكال في وجوب القضاء لفساد الصوم لفقد الشرط وهل يجب الكفارة قيل نعم وحكاه في البيان عن بعض مشايخه ولعله لصدق ترك الصوم متعمدا والكفارة وان علقت في الاخبار على الافطار الا ان الظاهر أن المناط هو ترك الصوم إذ لا واسطة بينهما ظاهرا وإن كان المتبادر من الافطار فعل أحد المفطرات الا انه تبادر بدوي لا يعتنى به ولهذا وجبت الكفارة على من بقى جنبا إلى الفجر مع أنه لم يفعل مفطرا فليس الا لعدم انعقاد صومه ودعوى ان الافطار يصدق إذا أفسد الصوم بعد انعقاده فقبله لا يسمى افطارا مكذبة بما شاع في الاخبار وكلام الفقهاء من أن المسافر يقصر ويفطر وقولهم ليوم العيد انه يوم الفطر لكن الانصاف انصراف أدلة الكفارة المعلقة على الافطار إلى فعل أحد المفطرات بل ربما يدعى وإن كان ضعيفا اختصاص الافطار بحكم الانصراف بالاكل والشرب والناسي للنية في الليل له ان يجدد النية أي يوقعها إلى الزوال بالاجماع كما في الغنية وعن ظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة لان الاخلال بما هو شرط للامساك في جزء من الزمان ليس بأعظم من الاخلال بنفس الامساك في ذلك الجزء فان الظاهر أن وجوب تقديم النية على مجموع العمل لكون تأخيرها عن بعض اجزاءه مستلزما لوقوع ذلك البعض بلا نية لا لكون نية جزء من العمل لازم التقديم على مجموع العمل فنسيان النية في جملة من النهار ليس فيه الا الاخلال بشرط الامساك في تلك الجملة ولا يحتمل بالامساك فيما بقى من النهار إذا جدد النية له وهذا الامر وإن كان يقتضى عدم الفساد وان نسيها إلى الغروب الا ان الدليل قام على ركنيتها في الجملة فتأمل وكيف كان فيكفي في الحكم مضافا إلى ما مر من الاجماعات فحوى ما دل على صحة صوم المسافر إذا قدم قبل الزوال ونوى و المريض إذا برئ فنوى وما روى من أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بعد ثبوت هلال رمضان مناديا ينادى من اكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم وعموم قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان (بناء على أن المراد صح) رفع جميع آثار الفعل التي كان تترتب على لولا النسيان لا خصوص المؤاخذة وهو حاكم على عموم قوله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل وقوله لا عمل الا بالنية ولو سلم تعارضهما واغمض عما ذكر من الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة حيث لم يخالف في الحكم الا العماني على ما حكى عنه فيجب الرجوع إلى مقتضى أصالة البراءة عن القضاء ولك ان تقول ان خبر التبييت غير معلوم السند وقوله لا عمل الا بالنية لا يشمل مثل الصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات الغير المشترط بمصاحبة النية أو حكمها المستمر كما إذا نام من أول الليل بعد النية إلى ليلة أخرى والثابت من وجوب كونها في الليل في الصوم المعين بالاجماع انما هو للذاكر لا الناسي كيف وقد خرج من قوله لا عمل الواجب الغير المعين اتفاقا كما نذكر فلا مانع من أن يكون الناسي في المعين كذلك مع أن ظاهر النسيان هو عزمه على صوم الغد الا انه نسى الاخطار واما الجاهل فلا يضر جهله في عدم النية (أيضا) اتفاقا والحاصل ان النية على القول بالاخطار غير معتبرة في الصوم لا في ابتدائه ولا في استمراره مع أن ظاهر قوله لا عمل اعتبار المصاحبة لا أقل الاستدامة الحقيقية من النية واعلم أنه يجب المبادرة إلى النية عند الذكر والا بطل الصوم للاخلال به في أول انعقاده عمدا وفي حكم الناسي الجاهل بوجوب الصوم عليه كما هو ظاهر اطلاق معقد اجماع الغنية بل واجماع المعتبر والمنتهى وصريح ما روى من أمر النبي صلى الله عليه وآله المنادى بالنداء بالصوم وظاهر من تمسك بهذه الرواية لحكم النسيان كما في المعتبر وعن المنتهى اتحاد حكم النسيان والجهل فيشملها الاجماع المستظهر من كلامهما فان زالت الشمس ولم ينو فات وقتها ويجب ان يقضى الصوم لما سيجئ من أن النية بعد الزوال لا يجزى في احتساب صوم تمام اليوم الذي لابد منه في صوم رمضان وغيره من الواجب مضافا إلى المحكي عن الانتصار من ظاهر الاجماع حيث قال صوم الفرض لا يجزى عندنا الا بنية قبل الزوال مضافا إلى عموم
(٥٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572