فان الله عز وجل يقول لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله شئ الا ان تتقوا (منهم تقية صح) وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا ان الجائك الخوف إليه وفى اظهار البراءة ان ملك الرجل عليه وفى ترك الصلوات المكتوبات ان خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات وتفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا وان اظهار برائتك عند تقيتك لا يقدح فينا ولا تبرء منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتتقي على نفسك روحها التي فيها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تمكنها وتصون بذلك من عرف من أوليائنا وإخواننا فان ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عمل في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين وإياك ثم إياك تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شاخط بدمك ودماء إخوانك متعرض لنفسك ولنفسهم للزوال مذل لهم في أيدي أعداء الدين وقد امرك الله باعزازهم فإنك ان خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا للكافر بنا وفيها دلالة على أرجحية اختيار البراءة على العمل بل تأكد وجوبه لكن في اخبار كثيرة بل عن المفيد في الارشاد انه قد استفاض عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال ستعرضون من بعدي على سبى فسبوني ومن عرض عليه البراءة فليمدد عنقه فان برء منى فلا دينا له ولا آخرة وظاهرها حرمة التقية فيها كالدماء ويمكن حملها على أن المراد الاستمالة والترغيب إلى الرجوع حقيقة عن التشيع إلى النصب مضافا إلى أن المروى في بعض الروايات ان النهى من التبري مكذوب على أمير المؤمنين (ع) وانه لم ينه عنه ففي موثقة مسعدة بن صدقة قلت لأبي عبد الله (ع) ان الناس يروون ان عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة أيها الناس انكم ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البراءة فلا تبرؤا منى فقال عليه السلام ما أكثر ما يكذب الناس على علي (ع) ثم قال انما قال ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البراءة منى وانى لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله ولم يقل لا تبرؤا منى فقال له السائل أرأيت ان اختار القتل دون البراءة فقال والله ما ذاك عليه و لاله الا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه مكة وقلبه مطمئن بالايمان فأنزل الله تعالى الامن أكره وقليه مطمئن بالايمان فقال النبي صلى الله عليه وآله عندها يا عمار ان عاد واقعد وفى رواية محمد بن مروان قال؟ فوالله؟ لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه الامن أكره وقلبه إلى آخره فتبرء واحد منهما وأبى الأخر فحلى سبيل الذي تبرى وقتل الأخر فقال (ع) إما الذي تبرى فرجل فقيه في دينه واما الذي لم يتبرى فرجل تعجل إلى الجنة وعن كتاب الكشي بسنده إلى يوسف بن عمران الميثمي قال سمعت ميثم الهرواني يقول قال لي علي بن أبي طالب (ع) يا ميثم كيف أنت إذا دعاك دعى بنى أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة منى فقلت يا أمير المؤمنين انا والله لا ابرء منك قال إذا والله يقتلك ويصلبك قال قلت اصبر فان ذلك في الله قليل قال (ع) يا ميثم فاذن تكون معي في روضتي بسم الله الرحمن الرحيم العدالة لغة الاستواء كما يظهر من محكى المبسوط والسرائر أو الاستقامة كما عن جامع المقاصد ومجمع الفائدة أو هما مع كما عن الروض والمدارك وكشف اللثام وقد اختلف الأصحاب في بيان ما هو المراد من لفظها الوارد في كلام المتشرعة بل الشارع على أقوال أحدها وهو المشهور بين العلامة ومن تأخر عنه انها كيفية نفسانية باعثة على ملازمة التقوى أو عليها مع المروة وان اختلفوا في التعبير عنها بلفظ الكيفية أو الحالة أو الهيئة أو الملكة ونسب الأخير في محكى النجيبية إلى العلماء وفي محكى كنز العرفان إلى الفقهاء وفي مجمع الفائدة إلى الموافق والمخالف وفي المدارك الهيئة الواضحة إلى المتأخرين وفي كلام بعض نسب الحالة النفسانية إلى المشهور وكيف كان فهى عندهم كيفية من الكيفيات باعثة على ملازمة التقوى كما في الارشاد أو عليها وعلى ملازمة المروة كما في كلام الأكثر بل نسبه بعض إلى المشهور واخر إلى الفقهاء وثالثا إلى الموافق والمخالف الثاني انها عبارة عن مجرد ترك المعاصي أو خصوص الكبائر وهو الظاهر من محكى السرائر حيث قال حد العدل هو الذي لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحا ومن محكى الوسيلة حيث ذكر في موضع منه ان العدالة في الدين الاجتناب عن الكبائر وعن الاصرار على الصغائر ومن محكى أبى الصلاح حيث حكى عنه أنه قال إن العدالة شرط في قبول الشهادة وتثبت حكمها بالبلوغ وكمال العقل والايمان واجتناب القبائح أجمع وعن المحدث المجلسي والمحقق السبزواري ان الأشهر في معناها ان لا يكون مرتكبا للكبائر ولا مصرا على الصغاير وظاهر هذا القول انها عبارة عن الاستقامة الفعلية (في أفعاله وتروكه من دون اعتبار لكون ذلك عن ملكة؟ الثالث انها عبارة عن الاستقامة الفعلية صح) لكن عن ملكة فلا يصدق العدل على من لم يتفق له فعل كبيرة مع عدم الملكة وهذا المعنى أخص من الأولين لان ملكة الاجتناب لا يستلزم الاجتناب وكذا ترك الكبيرة لا يستلزم الملكة وهذا المعنى هو الظاهر من كلام والد الصدوق حيث ذكر في رسالته إلى ولده لا تصل الا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه وورعه والاخر من تتقى سيفه وسوطه وهو ظاهر ولده وظاهر المفيد في المقنعة حيث قال إن العدل من كان معروفا بالدين
(٤٠٢)