لجميع افراد الدم انما هو من باب أصالة الحقيقة إذ لو أريد من العام ما عدا هذا الفرد أوجب البيان وقبح عليه تركه وتأخيره وليس كذلك الفرد المشتبه المردد بين كونه مصداقا للنوع المقطوع دخوله وبين كونه مصداقا للنوع المقطوع بخروجه فان الحكم بكونه خارجا أو داخلا لا يزيد ولا ينقص في مراد المتكلم بالعام فلا يجرى أصالة الحقيقة ولا تأخير بيان فإذا رجعنا في حكم هذا المشكوك إلى الأصول الشرعية فليس في العام المفروض ظهور لفظي يحكم به على الأصول فإذا قال المتكلم أكرم العلماء ونصيب قرينة على إرادة خصوص العدول وخروج الفساق فشك في عدالة أحد منهم فليس في العام المذكور ما يزيل ذلك الشك حتى يغنى من الرجوع إلى الأصول إذ لا يلزم من كونه فاسقا مخالفة لظاهر اللفظ كما لا يلزم موافقة له من كونه عادلا نعم لو قلنا إن الخارج هو معلوم الفسق دون الفاسق الواقعي كان ذلك خارجا عن الفرض إذ لاتردد هنا بين كون المشتبه من افراد الداخل أو الخارج لأنه ليس من افراد الخارج قطعا فلا اشكال في دخوله وكذا لو كان هذا أصل موضوعي يندرج الموضوع بواسطته تحت العنوان الداخل والخارج كما لو قلنا بأصالة العدالة أو الفسق فإنه لا اشكال في الدخول على الأول والخروج على الثاني ودعوى ان ما نحن فيه من هذا القبيل لان الخارج من اطلاقات الدم دم ما لا نفس له والأصل فيما لم يعلم كونه مما لا نفس له ان لا يكون منه وهكذا الكلام في كل عنوان وجودي خرج عن مطلق أو عام ولذا يقال إنه لو شك في كون الدم نما يعفى عن قليله أو مما لا يعفى كالدماء الثلاثة فالأصل عدم كون المشكوك منها توهم فاسد لان الجاري في مسألة الدم المشتبه بالدماء الثلاثة أصالة عدم ملاقاة الثوب لدم الحيض لا أصالة عدم كون هذا الدم دم حيض لأنه غير مسبوق بالحالة السابقة وحينئذ فاجزاء أصالة عدم ملاقاة الثوب لدم ما لا نفس له لا يوجب وجوب الاجتناب عنه بل الموجب له ملاقاته لغير ما لا نفس له والأصل عدمه و؟
من الدعوى المذكورة دعوى ان الظاهر أن الحكم بطهارة دم ما لا نفس له رخصة خرج من عموم المنع فلابد من الاقتصار فيه على المتيقن كما أنه إذا استفيد كون عنوان الخاص من قبيل المانع عن حكم العام وكون عنوان العام مقتضيا له كمالا يبعد ذلك في مثل أكرم العلماء بعد نصب القرينة على اخراج الفاسق فلا بد من الاقتصار على ما إذا تيقن المانع وتمام ذلك يعلم مما قدمنا لك منه جزءا وافيا وتوضيحه في الأصول وقد يستدل على أصالة النجاسة باطلاق قوله (ع) في الموثقة المتقدمة وان رأيت في منقاره دما فلا تشرب منه دل على أن مجرد رؤية الدم يكفي في الاجتناب خرج منه ما لو علم كونه دم ما لا نفس له نظير الحكم بالحيضية على من رأت الدم مع عدم علمها بكونها استحاضة وبالجنابة على من رأى بللا مشتبها قبل الاستبراء وفيه بعد ظهور سوقهما في مقام بيان تقييد الحكم بعدم رؤية الدم المفروغ عن نجاسته كما يقال مثل ذلك في البول والغايط وغيرهما انها ظاهر في الدماء النجسة بقرينة كون السؤال عن سؤر لصقر والبازي ونحوهما من سباع الطيور التي تأكل الميتة وثانيا بان الرواية معارضة بذيلها المزيد عليها في الاستبصار والمروى في الفقيه حيث قال وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقاره قذر لم يتوضأ ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقاره قذرا فيتوضأ منه واشرب والنسبة عموم من وجه ومع التساقط يرجع إلى عموم كل شئ نظيف حتى يعلم أنه قذر المعتضد بالاجماع المحقق على هذا الأصل الأصيل ولو اشتبه الدم المعفو بغيره فقد عرفت ان الأقوى العفو بمعنى ان الثوب الموجود فيه هذا الدم يصلى فيه لأصالة عدم تنجسه بدم الحيض وأخويه وكذلك لو وقع في البئر فنقول الأصل عدم وقوع دم الحيض فيها ولا يعارض بأصالة عدم ملاقاة دم غير الحيض أو عدم وقوعه إذ لا يخفى انه لا يترتب على عدم وقوع دم غير الحيض أو عدم ملاقاته حكم شرعي والذي يترتب عليه حكم هو وقوع دم غير الحيض لاعدم وقوعه وربما يستدل على ذلك بان الدماء الغير المعفو عنها محصورة وغيرها غير محصورة فيلحق المشكوك بالثاني ولم اعرف حاصله ويمكن ارجاعه إلى ما ذكرنا وحاصله ان الشارع لم يترتب على الدماء الأخر حكما شرعيا باعتبار عنواناتها الخاصة الوجودية الملحوظة كل واحد منها مستقلا وانما حكم عليها من حيث كونها دما واما العنوانات المحصورة فإنما يترتب الحكم عليها باعتبار عنواناتها فإذ انشك في ثبوت بعضها فالأصل عدم تحققها فيترتب عليها احكام نفس المطلق دون احكام العنوانات الخاصة فتأمل وافهم والسادس والسابع الكلب والخنزير هما نجسا العين بالاجماع المحقق والمستفيض والأصل في ذلك قبل الاجماع الكتاب والسنة قال الله تعالى الا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس وفى مقابلة لحم الخنزير بالميتة دلالة على أن نجاسته ليست لأجل عدم وقوع التذكية عليه واما السنة فحد الاستفاضة أو التواتر ففي رواية البقباق انه رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وفى رواية معوية بن شريح عن المص؟ (ع) انه سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضأ قال لا قال أليس هو بسبع قال لا والله انه نجس وفى رواية أبى سهل عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن لحم الكلب قال هو مسخ فقلت أهو حرام قال هو نجس أعيدها عليه ثلث مرات في كل ذلك يقول هو نجس إلى غير ذلك