القضاء والكفارة مع تبين الخلاف والقضاء فقط مع استمرار الاشتباه ويجب (أيضا) القضاء الافطار بالاخبار بدخول الليل ثم ظهر الفساد لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم مضافا إلى فحوى ما مر من وجوب القضاء مع استصحاب الليل واخبار المخبر ببقائه ولا فرق بين كون المخبر ممن يجوز للصائم تقليده أم لا لأن جواز التقليد لا ينفى القضاء الثابت لأجل فساد الصوم ولفحوى وجوبه مع الاذن في الاعتماد على استصحاب الليل المعتضد باخبار الغير بل بالبينة على ما عرفت واما مع عدم جواز التقليد فقد يقوى وجوب الكفارة مع القضاء للافطار تعمدا في زمان حكم الشارع بمقتضى الاستصحاب بكونه نهارا وقد يقال بعدم انصراف أدلة الكفارة إلى وجوبها للافطار في النهار الاستصحابي وفيه ان النهار الاستصحابي ليس قسيما للنهار الواقعي وانما أثبت الشارع احكام النهار الواقعي للزمان المشكوك فإذا سلم ان من احكام النهار الواقعي تعلق الكفارة بالافطار فيه كان الزمان المشكوك كذلك نعم يمكن ان يقال إن الكفارة انما علقت في الاخبار على تعمد الافطار الذي هي عبارة عن نقض الصوم وقصد نقض الصوم لا يتأتى من الشاك في النهار بل الظان بالليل المتمكن من العلم الذي هو افراد المسألة وحرمة الفطار عليه لا يوجب ثبوت الكفارة كما في الجاهل المقصر فان ظاهر المشهور انه من غير معذور في التحريم ولم يوجب عليه جماعة الكفارة فلعل ثبوت الكفارة من لوازم تعمد هتك حرمة اليوم وكيف كان فمبنى (المسألة هو ان الكفارة هل هي من لوازم الاكل في نهار رمضان أو انه من لوازم تعمد صح) نقض الصوم فيجب الكفارة على الأول دون الثاني هذا كله مع ظهور الفساد واما مع استمرار الاشتباه فلا اشكال في عدم وجوب القضاء مع جواز التقليد واما مع عدمه فمقتضى الاستصحاب وجوب القضاء بل الكفارة كما قواه الشهيد الثاني لما سبق في صورة انكشاف الخلاف من أن الافطار محرم عليه بل قد احتمل وجوبهما مع انكشاف دخول الليل لثبوت التحريم ظاهرا في حقه فيترتب عليه القضاء و الكفارة وانكشاف موافقة الواقع لا يجدى في رفع التحريم الموجب لتعلق القضاء في الذمة لكنه ضعيف بل الأقوى عدم الكفارة ولا القضاء كما أن جواز التناول لا يوجب سقوط القضاء مع انكشاف المخالفة ثم إن الاعتماد في دخول الليل على العدلين هو الاظهر ويدل عليه مضافا إلى بعض العمومات استقراء موارد اعتبارهما وفحوى اعتبارهما في مثل حقوق الناس من الأموال والنفوس والاعراض وفي افطار تمام اليوم ووجوب صلاة العيد إذا شهد عدلان بالهلال ونحو ذلك اللهم الا ان يقال إن تلك الموارد اعتبارها لحكمة تعذر العلم غالبا فطرد الحكم في النادر واما أوقات الصلوات والافطار فالغلبة فيها بالعكس فلا يبقى الا العمومات ان تمت ويجب القضاء (أيضا) بالافطار المظلمة الموهمة أي المخيلة في بادي النظر دخول الليل وان قطع به مع عدم دخوله واقعا لما مر من انتفاء حقيقة الصوم المقتضى لوجوب القضاء والصحيح عن أبي بصير وسماعة كما في المسالك وغيره عن أبي عبد الله (ع) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان الله عز وجل يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه اكل متعمدا والخدشة في سندها بان فيه محمد بن عيسى عن يونس أو اشتراك أبي بصير وعدم ايمان سماعة غير مسموعة مضافا إلى أن يونس من أصحاب الاجماع ونحوها الخدشة في دلالتها بعدم دلالتها على القضاء بناء على أن المراد من صيام ذلك اليوم اتمامه وكون وجوب القضاء لمن اكل قبل دخول الليل إشارة إلى من اكل بعد انكشاف الخطأ لان في ذلك مخالفة للظاهر ثم إن ظاهر الرواية انهم تخيلوا ذلك السحاب الليل يعنى توهموا ظلمته ظلمة الليل و الظاهر عدم رضاء الشارع بالافطار بمثل هذا التخيل البدوي وان بلغ القطع الا في صورة القطع غير مكلف بالامساك وهو لا ينافي وجوب القضاء نعم ينبغي وجوب الكفارة مع عدم القطع إذا علم أن تكليفه عدم الاعتناء بهذا الظن الابتدائي الذي يزول بأدنى تفطن فان الانسان إذا تفحص وعلم أن هذه الظلمة من السحاب فيكون وجودها عنده كعدمها الا ان الظاهر جهل أولئك بحرمة الافطار ويكون الزمان محكوما في حقهم بالنهارية بمقتضى الاستصحاب بل قد عرفت سابقا امكان ان يقال إن الاستصحاب لا يثبت به القصد إلى نقض الصوم الواقعي لان القصد لا يتحقق من الجاهل وإن كان محكوما بحكم العالم نعم هو قاصد إلى ترك الامساك في زمان يجب امساكه وليس هذا قصدا إلى الافطار والتمسك ببقاء الصوم يوجب إعادة الكلام السابق إذا لا يتحقق معه القصد إلى نقض الصوم الواقعي ولم يتحقق الصوم بالاستصحاب انما الثابت احكامه من وجوب الامساك وحرمة الاكل فتأمل ولو ظن بالغروب مع عدم التمكن مع عدم التمكن من العلم لم يفطر أي لم يقض الصوم مع الفساد وان اقتضى قاعدة الفساد المتقدمة القضاء لصحيحة أبى الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس غابت و في السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب قال قد تم ولا يقضيه ونحوها رواية زيد الشحام وصحيحة زرارة قال أبو جعفر (ع) وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك ويكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا ونحوها صحيحة أخرى لزرارة كما قيل وهي محمولة على ما إذا ظن بالليل ولم يتمكن عن تحصيل العلم بالمراعاة بقرينة رواية أبي بصير المتقدمة الظاهرة في المبادرة إلى الافطار بمجرد تخيل الظلمة ظلمة الليل من غير مراعاة مشخصة لكون الظلمة من السحاب أو من الليل إذ لو راعوا لتبين لهم انها ظلمة السحاب وان وجودها كعدمها واعلم أن حكم الموطوء في فساد الصوم حكم الواطي بلا خلاف ظاهرا ولو بيننا الافساد على الجنابة فلا اشكال ويحرم وطى الدابة في الصوم وغيره وقد تقدم ان افاده للصوم لا يخلو عن قوة ويحرم الكذب على الله ورسوله والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) في الصوم وغيره بالضرورة وكذا يحرم الارتماس على المشهور ويدل على الأخبار الكثيرة كما مضى وسيجئ خلافا للمحكى عن السيد في أحد قوليه والعماني والحلى فكرهاه وهو ضعيف لكثرة ما يدل على التحريم الا انه لا يترتب على وقوعه ووقوع الكذب في حال الصوم قضاء ولا كفارة على رأى المصنف هنا تبعا لشيخه المحقق كما عن السيد في الجمل والحلى وأكثر المتأخرين للأصل إما في الأول للصحيح المتقدم الحاضر لما يضر الصائم من حيث صوم ولا مخصص له عدا الاخبار الآتية الظاهرة في الافساد المحمولة بقرينة ضم الوضوء في بعضها إلى الصوم في الانتقاض على ضرب من المبالغة خلافا في الأول
(٥٧٩)