الفتاوى عدم الفرق في المخبر بين الواحد عدلا أو غيره والمتعدد وحجية العدلين على تقدير ثبوتها فيما نحن فيه لا تزيد في إفادة الاذن على الاستصحاب ولا ينافي وجوب القضاء مع انكشاف الخطاء فيكون كما لو انكشف ان اليوم الذي ثبت كونه عيدا كان من رمضان وإن كان الفرض نادرا فظهر ضعف ما اختاره المحقق والشهيد الثانيان كما عن صاحبي المدارك والذخيرة من عدم وجوب القضاء مع شهادة العدلين لأنها حجة شرعية والصحيحة لا تنافيه لان موردها كون المخبر واحدا وفيه ما عرفت عن أن الحجة انما تفيد جواز التناول واما الصحيحة فموردها وإن كان خاصا بالواحد بل بالمرأة بل بغير العادلة الا ان مقتضى قوله انك لو كنت أنت الذي نظرت حصر عدم القضاء في صورة مباشرة النظر ويؤيده التعليل في الموثقة مضافا إلى أن اختصاص مورد الرواية لا يقدح بعد اقتضاء انتفاء حقيقة الصوم للقضاء وقد عرفت ان حجية النية لا تنافيه حتى يحتاج إلى ارتكاب تخصيص أدلتها بأدلة ثبوت القضاء كما ارتكبه في الرياض بل لو سلم التنافي فلا مناص عن الحكم بحكومة أدلة الحجية على هذه الأدلة لجعل الشارع نظر العدلين بمنزلة نظر نفسه بل بمنزلة القطع بالليل لا كما توهم من صيرورة النسبة حينئذ بين أدلة الحجية وأدلة المسألة عموما من وجه فيرجع إلى أصالة البراءة نعم هي والاستصحاب و جميع ما يفيد الاذن في التناول تنافى الكفارة لما تقدم من أن العذر شرعيا كان أم عقليا يسقط الكفارة عن الافطار بل قد يكون نفس الافطار لكونه واجبا كفارة لذنوب اخر كانقاذ الغريق بالارتماس ويجب القضاء (أيضا) بالافطار مع الاخبار بطلوعه مع كذبه والقدرة على المراعاة مع طلوعه واقعا لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم وخصوص صحيحة العيص بن القصم عن رجل خرج في رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت ونظر إلى الفجر فناديهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسحر فاكل قال يتم صومه و يقضى ومقتضى ترك الاستفصال ثبوت الحكم مع العجز عن المراعاة (أيضا) مضافا إلى ما عرفت من القاعدة مع أن تكليف العاجز الرجوع إلى الغير ولم يفعل الا ان يعتذر عن مخالفته بظن كذبه فيكون وجود الخبر عنده كعدمه بل ويكون بقاء الليل مظنونا مع عجزه عن المراعاة وعدم خبر معتبر بخلافه وقد تقدم عدم القضاء في المسألة الأولى الظاهر التعليل في الموثقة بل لعدم الخلاف في الظان بالبقاء العاجز عن المراعاة الغير المخبر بدخول النهار الا ان ظاهر الرواية الظن بالسخرية وهو لا يستلزم الظن بالكذب فقد يظن بالسخرية بل يقطع بها مع الشك في بقاء الليل بان يكون الساخر يخبر مع عدم المراعاة فيكون أصل الكلام مسخرة لا كذبا ثم اطلاق النص والفتوى يقتضى عدم الفرق في ثبوت القضاء بين كون الاكل بظن كذب المخبر بعد النظر أو من دون نظر متصل عرفا ويشكل في الأول من جهة عموم منطوق صدر الموثقة السابقة ومفهوم تعليل ذيلها الحاكم بان الاكل بعد النظر ليس فيه شئ عند انكشاف الخلاف مضافا إلى قوله في الصحيحة السابقة لو كنت أنت الذي نظرت الا ان في شمولها لهذه الصورة اشكالا بل الظاهر من الاكل بعد النظر الاكل اتكالا عليه مع عدم حصول ما يوهنه فان اخبار الغير وإن كان فيه مظنة السخرية الا انه يوجب التزلزل المحوج إلى النظر فان الظاهر أن اعتبار النظر في سقوط القضاء ليس تعبدا بل من جهة عدم التقصير وظاهر ان طرح اخبار الغير لا من جهة احتمال الكذب بل من جهة احتمال السخرية المدفوع شرعا وعادة بالأصل والغلبة والاتكال مع ذلك كله على النظر السابق (أيضا) تقصير نعم لو كان النظر السابق مما يغلب على الاخبار حتى يكون مثل من ينظر فلا يرى وينظر غيره فيرى الفجر فلا يبعد عدم الاتكال على الغير كما تقدم في رواية رجلين قاما فنظر أو لو كان المخبر عدلين أو عدل واحد فان ظن السخرية ففي وجوب الكف وجهان من أصالة عدمها ومن عدم كون البينة حجة من باب ا لتعبد الصرف لا أقل من اعتبار عدم الظن به على الخلاف سيما وان أكثر ما يمكن استفادة حجية العدل أو العدلين منه من الآيات والروايات انما تدل على وجوب تصديق العادل وعدم الاعتناء باحتمال كذبه واما احتمال سخريته حيث لا يكون السخرية معصية فهو كاحتمال خطأ المخبر في النظريات لا يدل تلك الأدلة على نفى مثل هذا الاحتمال نعم لابد من رفعها بالأصول والظواهر وان لم يظن السخرية فلا اشكال في وجوب الكف ولا في وجوب القضاء وانما الكلام في وجوب الكفارة كما عن المصنف والشهيدين قدس سرهم لأنه كمتعمد الافطار مع تيقن الطلوع ويمكن ان يقال إن الكفارة قد علقت في أدلتها على تعمد الافطار الذي لا يتحقق الا مع العلم بالنهار ومجرد كون الزمان في حكم النهار بمقتضى البينة مع عدم البينة لا يوجب صدق التعمد إلى الافطار والأصل في ذلك التفرقة بين تعمد الاكل في زمان علم أنه من نهار رمضان فإنه تعمد إلى الافطار الصوم وبين تعمد الاكل في زمان حكم الشارع بكونه نهارا فإنه بمجرد ذلك مع الشك لم يقصد إلى نقض الصوم لكن فيه نظر لا يخفى ثم إن الظاهر جواز التناول مع الظن ببقاء الليل تعويلا على استصحاب الليل بمعنى عدم طلوع الفجر بالكتاب والسنة والاجماع والعقل قال الله تعالى حتى تبين لكم (الخيط الأبيض صح) جعل غاية جواز الأكل والشرب تبين النهار لا وجوده الواقعي للموثق في رجلين قاما فنظر إلى الفجر فقال أحدهما هوذ أو قال الآخر ما ارى شيئا قال قل يأكل الذي لم يتبين له الفجر وقد حرم على الذي رأى أنه الفجر ان الله عز وجل يقول كلوا واشربوا حتى يتبين لكم وفي أخرى قلت له اكل حتى أشك قال كل حتى لا تشك ومقتضى أكثرها جواز التناول مع الشك بعض الفحص ومقتضى الاستصحاب والرواية الأخيرة جواز التناول مع عدم الفحص والشك (أيضا) وقد يتوهم هذا في الآية (أيضا) وهو فاسد لأن الظاهر منه التبين للناظر وعن الخلاف المنع مع الشك وهو ضعيف خصوصا مع تعميم المنع لما بعد الفحص كما هو مقتضى اطلاق المحكي عنه وقد استند له إلى أن الصوم الواقعي المأمور به عبارة عن الامساك في النهار فيجب الكف في الجزء المشكوك كونه من النهار مقدمة لتحصيل القطع بامتثال الامر بالصوم النفس الامرى وهذا الأصل وإن كان واردا على استصحاب جلية الاكل الا ان استصحاب الموضوع أعني عدم طلوع الفجر وارد عليه يؤيده قوله (ع) كل حتى لا تشك ولو ظن طلوع الفجر فان تمكن من تحصيل العلم بحيث لا يجوز له الدخول في الصلاة مع الظن فالظاهر أنه في حكم العدم للاستصحاب والرواية بناء على أن المراد بالشك فيها مطلق الاحتمال وان لم يتمكن من تحصيله بحيث يجوز له الصلاة في ذلك الزمان فالظاهر وجوب الكف بل لزوم
(٥٧٨)