لتنقيح المناط أو الأولوية وان قيدناه بالغليظ فالأقوى عدم اللحوق لان الأجزاء الترابية تلصق بالحلق وتنزل مع الريق بخلاف الأجزاء اللطيفة الرمادية في الدخان فإنها تدخل في الجوف مصاحبا للدخان النازل ولا تلصق الحلق ولا يتنزل مع الريق منها شئ والدخان ليس مما يؤكل والاجزاء الرمادية ليست منفردة عن الدخان حتى يصدق الاكل بنزولها وبالجملة فالفرق بين الأجزاء الترابية الداخلة في الحلق مع الهواء والاجزاء الرمادية النازلة مع الدخان في دخول الأولى بنفسها في الحلق منفصلا عن الهواء مخالطا للريق ونزول الثانية في ضمن الدخان بحيث لا ينفصل عن الهواء الدخاني ولا يختلط بالريق واضح نعم لو قلنا إن الصوم عبارة عن الامساك عما يصل الجوف مطلقا أو من طريق الفم حتى الدخان أو حتى الأجزاء الرمادية المختلطة مع الهواء الدخاني كان للافطار وجه الا ان الاكل لا يصدق على الأول قطعا لان الدخان ليس ماكولا ولا مشروبا ولا يصدق على الثاني أيضا اكل الرماد جزما بخلاف الغبار المخلوط بالرماد نعم لو فرض غلظة الدخان على وجه ينفصل منه اجزاء ويتحقق معها جسم فلا يبعد كونه كالغبار كما ذكره المحقق والشهيد الثانيان في حاشية الارشاد والمسالك ومما ذكر ظهر ان الاجتناب عن دخان التتن شئ قضت به سيرة المسلمين ومراعاة الاحتياط في الدين ثم إن المراد بايصال الغبار الظاهر أنه ما يعم جذبه بالنفس تعمدا أو ايجاد فعل يستلزمه أو يمكنه من الوصول بان لا يتحفظ عنه مع القدرة كما صرح به المحقق الثاني في حاشية الارشاد وعن الحلبي ان مما يجب الاجتناب عنه الوقوف في الغبار المتكاثف واعلم أنه ذكر في المسالك ان النوم الثاني للجنب حرام وان عزم على الغسل واعتاد الانتباه وعلى هذا فيجب الامساك عن معاودة النوم بعد انتباهه ولو فعل كان آثما وعليه القضاء أقول إما الاثم فلم أجد عليه دليلا سوى ما في بعض الأخبار الآتية من وجوب القضاء عقوبة وفي اثبات التحريم بهذا المقدار اشكال لورود نظيره فيما لا يحرم كما حكم الشارع بوجوب إعادة الصلاة على ناسي النجاسة عقوبة لنسيانه بل هذا دال على كون القضاء عقوبة للنوم وليس فيه غيره ودعوى صدق التفريط في الفرض ممنوعة جدا نعم يمكن الاستدلال عليه بعموم مصححة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في رجل احتلم أول الليل أو أصاب (من أهله ثم نام) متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه فان ظاهره بقرينة وجوب القضاء ما عدا النومة الأولى فالامر بالاستغفار ليس الا لتحريم النوم الا ان يقال إن ظاهر النوم متعمدا هو النوم عازما على ترك الاغتسال وفيه ان اللازم حينئذ لكونه في مقام البيان ذكر الكفارة لأنه كمتعمد البقاء على الجنابة فعدم ذكرها دليل على وجوبها وهو يكشف عن عدم إرادة العزم على العدم واما النومة الأولى فإن كان مع علي الاغتسال مع اعتياد الا انتباه فليس بحرام قطعا واما مع اعتياد عدم الانتباه فحرام قطعا وموجب للقضاء والكفارة واما مع عدم العزم على الاغتسال فإن كان مع الذهول فهو غير حرام واما مع الالتفات والتردد فقد لا يستبعد الحرمة نظرا إلى أن النوم على حاله يوجب استمرارها حكما إلى اخر النوم عقلا وعرفا فالنائم على حاله كالباقي عليها مستيقظا ولذا كان النوم مع عزم ترك الاغتسال كتعمد البقاء على الجنابة قاصد في ترك النية لان الغسل والنية كلتيهما مما يجب ايقاعهما فالنائم مترددا كالمستيقظ مترددا الا ان يفجأه الصبح ولذا اتفقوا على أن من بات عازما على ترك الصوم أو مترددا فيه فسد صومه لترك تبييت النية ليلا مع أنه لم يترك النية الواجبة موسعا في جميع اجزاء الليل الا في جزء واحد من وقته الموسع ولا ريب ان المتردد في الغسل متردد في النية للصوم الصحيح فالنائم على التردد في الغسل إذا فاجأه الصبح فهو كالباقي مستيقظا إلى الفجر مع التردد في الغسل وفي الصوم ولا شبهة في استحقاقه العقاب لافساد الصوم وعليه القضاء والكفارة وحيث إن افساد الصوم في أول مطلع الفجر انما كان لتسببه إليه بالنوم فيستحق العقاب عند النوم مع أن الأصل عدم الانتباه فهو كمن ترك الفعل في الجزء الأول مع علمه بطر والعجز بعده وعدم العلم بارتفاع العجز في اخر الوقت ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح وأما إذا اعتاده فهو أيضا لا يجدى في رفع استحقاق العقاب عنه إذا لم يتفق الانتباه إذ مع التردد وعدم العزم على الفعل لا فرق بين اعتياده للانتباه مقدم فإنه انما يفيد إذا كان علمه بذلك موجبا لعزمه على الفعل بعد الانتباه وعدمه مؤخر ويؤيد ما ذكرنا من حرمة النوم الأولى الا مع القصد المحكي عن الرضوي إذا أصابتك جنابة في أول الليل فلا باس ان تنام متعمدا وفي نيتك ان تقوم وتغتسل فان غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك شئ إلى (ان) (قال يتم يومه ويقضى يوما وان لم يستيقظ حتى يصبح صح) إما إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم إلى وفي حرمة النوم الثاني مطلقا وان عزم على الاغتسال واعتاد (فان العلم بسعة الوقت انما يوجب آل؟ من جهة رجاء ادراك الفعل في بعض اجزائه صح) الانتباه ما مر من جواز الاستناد إلى ذكر العقوبة وصحيحة الحلبي المتقدمة واما وجوب القضاء ففي المدارك انه مذهب الأصحاب وعن المنتهى عدم الخلاف وفي كلام بعض مشايخنا استفاضته نقل الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) الرجل يجنب من أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام قال يقضى ذلك اليوم عقوبة ونحوها مضمرة سماعة قمي اصابته جنابة في جوف الليل فنام فقد علم بها فلم يستيقظ حتى يدركه الصبح قال عليه ان يتم يومه ويقضى يوما اخر وصحيحة ابن أبي يعفور الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح أتم يومه وجاز له فظاهر هذه الصحيحة ان نومة المحتلم التي يحتلم فيها بعد نومة أولي حتى يكون النوم بعد الاستيقاظ نومة ثانية أو يقال إن المحتلم ليس كالجنب يقظانا بل يجب القضاء على المحتلم إذا نام محتلما واستمر إلى طلوع الفجر بخلاف غيره من الجنب وقد فرق بعض المعاصرين بين المحتلم وغيره بما ذكرنا مستندا إلى عموم صحيحة الحلبي السابقة في بيان تحريم النومة الثانية بتقريب ان ظاهرها وجوب القضاء بمطلق النوم للمحتلم وغيره خرج غيره بمقتضى صحيحة معوية بن عمار الظاهرة في غير المحتلم من الجنب وبقى الباقي وفيه ان صحيحة الحلبي قد نص فيها بذكر المحتلم وغيره فالنوم فيها ان حمل على
(٥٧٥)