الافساد وعدم التحريم في المندوب فلا فساد وعلى الكراهة هنا أو مطلقا فان أريد به نقص الثواب فلا فساد وان بها الكراهة المصطلحة فالظاهر الفساد (أيضا) لعدم اجتماع العبادة مع الكراهة الحقيقية وربما يدعى الصحة مع التحريم تارة بجواز اجتماع الأمر والنهي واخرى بان رمس الرأس في الماء المبطل وهو جمع جميع اجزاء الرأس تحت الماء دفعة ليس نفس ايصال الماء ولا جزء منه مسألة لا يتحقق الافطار بتناول موجبه سهوا اجماعا في الجملة لعموم قاعدة كلما غلب الله عليه فالله أولي بالعذر الوارد في نفى القضاء عن المغمى عليه وبملاحظة موردها يندفع توهم اختصاصها بالمعذورية من جهة التكليف دون القضاء ولخصوص الأخبار المستفيضة وفي كثير منها انه شئ رزقه الله وفيه اشعار بعدم نقص في الصوم من جهته في الواقع واطلاق كثير منها كعموم القاعدة وفتوى معظم الأصحاب بل كلهم كما يظهر من المدارك عدم الفرق بين أقسام الصيام مضافا إلى خصوص رواية أبي بصير في النافلة وفي أجوبة المسائل المهنائية كما عن التذكرة الفساد في الواجب الغير المعين والمندوب و لعله لان حقيقة الصوم الامساك عن المفطرات ولم يتحقق مضافا إلى عموم الصحيحة لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال فان عمومها يشمل صورة السهو ومعنى الضرر حينئذ هو القضاء فالمعنى لا يضر الصائم شئ مما صنع عمدا ولا سهوا الا الأربعة فإنها مضرة عمدا وسهوا ورد بمنع كونه مطلق الامساك عنها وانما هو الامساك عن تعمدها وفيه نظر لان الناسي للصوم متعمد للاكل (أيضا) الا انه غير ملتفت إلى أنه نوى الصوم والقول بان الصوم هو الامساك عن ارتكاب الأمور في حال الالتفات إلى نية الصوم يوجب عدم تحقق نفس الصوم المتعلق للنية الا بعد تحقق النية فيستحيل ورود النية عليه بان يتعلق النية بالامساك عن أن يرتكب هذه الأمور عند الالتفات إلى نية الامساك عنها هذا كله مع أن الصحيحة المذكورة بعمومها كما عرفت دالة على منافاة مطلق الاكل وشبهه للصوم فهو دليل اخر على كون الصوم هو مطلق الامساك مضافا إلى الأخبار الواردة في أن الصوم من الطعام والشراب ونحو ذلك فالأحسن في الجواب تسليم عدم تحقق الصوم في حال ارتكاب المفطر الا ان الدليل قام على نفى الباس عنه نعم يمكن ان يقال إن الصوم عبارة عن نية الامساك في الليل ثم الامساك في حال الالتفات إلى تلك النية بجعل النية داخلة وفيه ما لا يخفى واما الجاهل فإن كان مقصرا فعليه القضاء بل الكفارة لعموم أدلتها ولا اختصاص لها بمتعمد الافطار حتى يمنع صدقه عليه وإن كان قاصرا فالظاهر عدم القضاء والكفارة لعموم القاعدة المتقدمة وخصوص ما ورد فيمن اتى امرأته وهو صائم ولا يرى الا انه له حلال قال ليس عليه شئ نعم يعارضها اطلاقات وجوب القضاء بل الكفارة على من يتناول المفطرات الشامل للعالم والجاهل بقسميه لكن الانصاف ان القاعدة والرواية حاكمان على تلك العمومات والا لم يبق لهما مورد النفي إذ لا تنفيان حكما الا وعليه دليل يقتضى وجوده لولا هما والظاهر أن المراد بالشئ المنفى هو غير العقاب لان السؤال عن العقاب إن كان عن استحقاقه فهو بالنسبة إلى من اعتقد حلية محرم ليس أمرا توقيفيا بل مستفاد من حكم العقل بعدمه إذا كان قاصرا في الاعتقاد وإن كان عن فعليته فهو من العيوب التي لا يعلم الا في الآخرة فالظاهر أن السؤال عن القضاء والكفارة أو أحدهما وإن كان مقصرا بان كان ثبوت الجهل له باختياره فالظاهر وجوب القضاء عليه لعموم أدلة وجوبه على تناول المفطرات السالمة عن حكومة القاعة والموثقة عليها لان هذا الجهل ليس مما غلب الله ولان ظاهر الموثقة نفى العقاب واستحقاقه (أيضا) وان لم يكن السؤال عن العقاب فلابد إما من اخراج المقصر واما من تقييد الرواية بما إذا قصر في إزالة الجهل وانه يثبت عليه شئ وهو العقاب ودعوى غلبة التقصير في الجهال ممنوعة ولو سلمت ففي غير المعتقد للخلاف سيما في مسألة الوقاع في الصوم التي لا يجهلها الا القاصرون والا فمن له علم اجمالي بوجود مفطرات في الصوم كالاكل والشرب يعلم الوقاع غالبا واما وجوب الكفارة فلا يبعد (أيضا) لاطلاقات وجوبها على من أفطر وان قيد في بعضها بالتعمد الا ان بعضها مطلقة الا ان يدعى انصراف الافطار إلى صورة التعمد والقصد كما هو الظاهر في كل فعل اختياري لكنه لو سلم ففي الأخبار المشتملة على لفظ الافطار واما ما علق فيه الكفارة على نفس الفعل كالاخبار الاستمناء واخبار الوقاع مثل قوله في المستمني فعليه مثل ما على الذمي يجامع وقوله إن كان نكح حلالا وما ورد في المعتكف من أنه ان وطئها فعليه كفارتان و كذا فيمن أكره امرأته على الوقاع وكذا فيمن كنس بيتا فدخل الغبار في حلقه ومن نام على الجنابة ثالثا أو اخر الغسل متعمدا وما ورد من أن الكذبة تفطر الصائم فان الافطار لم يسند إلى الفاعل حتى يستظهر منه صورة القصد وانما نسب إلى السبب مع أنه يكفي في المسألة عدم القول بالفصل بين المفطرات مسألة لو اكل مكرها فان بلغ حدا يرفع القصد فلا اشكال في عدم الافساد إذ لم يحصل منه فعل حينئذ بل يصدق عليه حينئذ انه ممسك عن فعل الأكل والشرب وغيرهما ويدل عليه عموم لا يضر الصائم ما صنع إلى آخره وان لم يبلغ ذلك الحد بل خوف حتى اكل فعن الأكثر عدم الافساد (أيضا) لعموم رفع عن أمتي ما استكرهوا عليه ولعدم ترتب الأثر على أفعال المكره في الشرع وفيه ان الرواية ظاهرة في رفع المؤاخذة وعدم ترتب الآثار مطلقا ممنوع انما المرتفع الآثار المتوقف ترتبها على الاختيار كالعقود وتوقف تحقق الافطار على الاختيار بالمعنى المنافى للاكراه ممنوع لان الثابت في اللغة والعرف والشرع كون الاكل بالقصد مضرا بالصوم فالاكراه على الاكل اكراه في الحقيقة على الافطار كما أن الافطار على التكلم في الصلاة أو الحدث فيها أو الاستدبار اكراه على ابطالها ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من الاخبار في اطلاق الافطار على اكل الإمام (ع) تقية من أبى العباس وقال لان أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلى من أن يضرب عنقي وقوله (ع) افطاري يوما وقضاؤه أيسر على من أن يضرب عنقي فالأقوى إذا لا فساد بل وجوب القضاء لعموم الصحيحة من أفطر شيئا من رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فحسن وان قضاه متفرقا فحسن فإنه يدل على وجوب أصل القضاء والتخيير في كيفيته على كل من أفطر العذر مضافا إلى ثبوت الاجماع المركب كما ادعاه في الرياض ثم إن جميع الأعذار الشرعية المسوغة لبعض المفطرات حكمها كالاكراه في الافساد ووجوب القضاء (واما وجوب القضاء صح) على مقدار الضرورة بعد الحكم بالافساد فلعله للاتفاق على أن مع افساد الصوم سواء كان مع الاذن فيه أو المنع عنه لا يجوز مع التناول الا إذا اذن الشارع في أصل الافطار لا في خصوص ارتكاب ذلك الشئ ثم إن هذا كله في الاعذار الواقعية أي الموجبة لرفع التكليف الواقعي بالامساك واما الاعذار الشرعية الظاهرية وهي الموجبة لنفى التكليف بالامساك عن الشئ الخاص في مرحلة الظاهر كما إذا ظن بالاجتهاد أو التقليد جواز الارتماس فارتمس فإن لم ينكشف الخلاف فلا اشكال ولا خلاف وان
(٥٨١)