اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة وجمع لهم ما يحتاجون إليه من الغذاء وصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى التنور فوضع طينا وختمه حتى ادخل جميع الحيوانات في السفينة ثم جاء إلى التنور وفض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس ونزل من السماء ماء منهمر صب بلا قطر وتفجرت الأرض عيونا فقال الله عز وجل اركبوا فيها فدارت السفينة ونظر نوح عليه السلام إلى ابنه يقع ويقوم فقال له (يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) فقال ابنه (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) فقال نوح (لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم الله) ثم قال نوح: (رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق) فقال يا نوح (انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فحال بينهما الموج فكان من المغرقين) فدارت السفينة وضربتها الأمواج حتى وافت مكة وطافت في البيت وغرق جميع الدنيا الا موضع البيت وانما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق فبقى الماء ينصب من السماء أربعين صباحا ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمست السماء فرفع نوح يده وقال (يا رهمان اتفر) وتفسيرها يا رب أحسن فامر الله الأرض ان تبلع ماءها فأراد ماء السماء ان يدخل في الأرض فامتنعت الأرض من قبوله وقالت انما امرني ان أبلع مائي فبقى ماء السماء على وجه الأرض واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم فبعث الله جبرئيل عليه السلام فساق الماء إلى البحار حول الدنيا وانزل الله على نوح: (يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم) فنزل نوح عليه السلام بالموصل من السفينة مع الثمانين، وبنوا مدينة الثمانين، وكانت لنوح بنت ركبت معه السفينة فتناسل الناس منها وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: نوح أحد الأبوين، انتهى ملخصا.
(أقول) قوله تعالى: (انه ليس من أهلك). قيل فيه أقوال:
(أحدها) - انه كان ابنه لصلبه والمعنى انه ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم معك لان الله تعالى قد استثنى من أهله الذين وعده ان ينجيهم ممن أراد