يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فقال لهم إدريس انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد ان تدعو علينا بالموت اما لك رحمة. فقال: ما انا بذاهب إليه ولا انا بسائل الله ان يمطر عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه ان يمضى معهم وجميع أهل قريتهم حفاة مشاة فأتوه حتى وقعوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه ان يسأل الله لهم بالمطر فقال إدريس اما الان فنعم فسال الله تعالى إدريس عند ذلك أن تمطر السماء عليهم وعلى نواحيهم فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا انه الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء.
(أقول) ينبغي ان يحمل ان امره تعالى لإدريس بالدعاء لهم بالمطر لم يكن على سبيل الحتم والوجوب بل على الندب وجواز التأخير وغرض إدريس عليه السلام من ذلك التأخير ذلتهم وزجرهم على الطغيان والفساد ولئلا يخالفوه إذا دخل بينهم كما خالفوه أولا، وفيه إشارة إلى أن أولياء الله سبحانه يغضبون لربهم أكثر من غضبه تعالى لسعة حلمه وعظمة رحمته.
(تفسير على بن إبراهيم) عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله تعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه فألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقى ما شاء الله في ذلك البحر فلما بعث الله إدريس عليه السلام جاء ذلك الملك إليه، فقال يا نبي الله ادع الله ان يرضى عنى ويرد على جناحي قال نعم، فدعا إدريس ربه فرد الله عليه جناحه ورضى عنه (قال) الملك لإدريس ألك حاجة قال نعم أحب ان ترفعني إلى السماء الرابعة فرفعه إلى السماء الرابعة فإذا ملك الموت جالس يحرك رأسه تعجبا فسلم إدريس على ملك الموت وقال له ما لك تحرك رأسك؟ قال إن رب العزة امرني ان اقبض روحك بين الرابعة والخامسة، فقلت يا رب كيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام وكل سماء وما بينهما كذلك فكيف يكون