لأنه قد أحلها بعدما حرمها فقالت صدقت الحية وظنت ان المخاطب بها هي الحية فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا فقالت لآدم عليه السلام ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا وتناولت منها ولم تمنعني ملائكتها ولم أنكر شيئا من حالي فلذلك اغتر آدم (ع) وغلط فتناول فأصابها ما قال الله تعالى في كتابه فأزلهما الشيطان عنها بغرور فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم وقلنا يا آدم ويا حوا ويا أيتها الحية ويا إبليس اهبطوا بعضكم لبعض عدو وآدم وحوا وأولادهما (أعداء) للحية وإبليس وأولاده أعداؤكم ولكم في الأرض مستقر للمعاش ومتاع إلى حين الموت وكانت الحية من أحسن دواب الجنة وهبوطها كان من الجنة وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخول الجنة.. الحديث.
(أقول) اختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم وحوا حتى وسوس إليهما وإبليس كان قد اخرج من الجنة حين أبى السجود وهما في الجنة. فقيل: ان آدم كان يخرج إلى باب الجنة وإبليس لم يكن ممنوعا من الدنو منه فكان يكلمه وكان هذا قبل ان يهبط إلى الأرض وبعد ان اخرج من الجنة.
(وقيل) انه كلمهما في الأرض بكلام عرفاه وفهماه منه. (وقيل) انه دخل في شدق الحية وخاطبهما من شدقها، قال صاحب الكامل: ان إبليس أراد دخول الجنة فمنعته الخزنة فاتى كل دابة من دواب الأرض وعرض نفسه عليها ان تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم وزوجته، فكل الدواب أبت عليه ذلك حتى اتى الحية وقال لما أمنعك من ابن آدم فأنت في ذمتي ان أدخلتني فجعلته ما بين نابين من أنيابها ثم دخلت به وكانت راسية على أربع قوائم من أحسن دابة خلقها الله كأنها بختية فأعراها الله تعالى وجعلها تمشي على بطنها انتهى. (وقيل) راسلهما بالخطاب وظاهر الآيات تدل على المشافهة وورد ان السم الذي في أنياب الحية من مقعد الشيطان فيه إما لأنه اثر فيه السم أو لان السم خلق هناك بسببه.
أقول: أعظم شبهة المخطئة للأنبياء عليه السلام قصة آدم عليه السلام حيث سماه عاص بقوله (وعصى آدم ربه فغوى).