في صحيفة المؤمن خير مما أعطي ابن داود ما أعطي، ابن داود يذهب وان التسبيحة تبقى.
وكان سليمان إذا أصبح تصفح وجوه الأغنياء والأشراف حتى يجيء إلى المساكين ويقعد معهم، ويقول مسكين من المساكين، وكان مع ما فيه من الملك يلبس الشعر وإذا جنه الليل شد يديه إلى عنقه، فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا، وكان قوته من سفائف الخوص يعملها بيده، وانما سألك الملك ليقهر ملوك الكفر.
وكان إذا ركب حمل أهله وحشمه وخدمه وكتابه، وقد اتخذ مطابخ ومخابز يحمل فيها تنانير الحديد وقدور عظام يسع كل قدر عشرة جزور، وقد اتخذ ميادين للدواب امامه فيطبخ الطباخون ويخبز الخبازون وتجري الدواب بين يديه بين السماء والأرض والريح تهوي بهم.
فسار من إصطخر إلى اليمن، فسلك ملك مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فقال سليمان عليه السلام: هذا دار هجرة نبي في آخر الزمان، طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اتبعه، ورأى حول البيت أصناما تعبد من دون الله.
فلما جاوز سليمان البيت بكى البيت، فأوحى الله إليه: ما يبكيك؟ قال:
يا رب أبكاني هذا نبي من أنبيائك وقوم من أوليائك مروا بي فلم يهبطوا ولم يصلوا عندي ولم يذكروك بحضرتي، والأصنام تعبد حولي من دونك فأوحى الله تعالى إليه: لا تبك فاني سوف أملأك وجوها سجدا وانزل فيك قرآنا جديدا وابعث منك نبيا في آخر الزمان أحب أنبيائي إلي واجعل فيك عمارا من خلقي يعبدونني وأفرض على عبادي فريضة يدفون إليك دفوف النسور إلى وكورها ويحنون إليك حنين الناقة إلى ولدها وأطهرك من الأوثان.
وروي: ان سليمان عليه السلام لما ملك بعد أبيه، امر باتخاذ كرسي ليجلس عليه للقضاء، وامر ان يعمل مهولا بديعا بحيث لو رآه مبطل ارتدع فعمل له كرسي من أنياب الفيلة، وفصصوه بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وأنواع الجواهر وحففوه بأربع نخلات من ذهب شماريخها الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر على