يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم...) الآية. حملت الريح صوت النملة إلى سليمان وهو مار في الهواء والريح قد حملته، فوقف وقال: علي بالنملة.
فلما اتي بها، قال سليمان: يا أيتها النملة اما علمت اني نبي؟ واني لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى، قال سليمان عليه السلام: فلم حذرتهم ظلمي؟ قالت: خشيت ان ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيبعدوا عن ذكر الله تعالى ذكره.
ثم قالت النملة: أنت أكبر أم أبوك داود؟ قال سليمان: بل أبي داود، قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود؟ قال: ما لي بهذا علم. قالت النملة لأن أباك داود داوى جرحه بود، فسمي داود وأنت يا بن داود أرجو ان تلحق بأبيك. ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان ما لي بهذا علم، قالت النملة يعنى (ع) بذلك لو سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ (تبسم ضاحكا من قولها) وفي (تفسير الثعلبي) قالت النملة هل علمت لم سمي أبوك داود؟ فقال: لا، فقالت لأنه داوى جرحه بود، هل تدري لم سميت سليمان؟ قال: لا، قالت لأنك سليم وكنت إلى ما أوتيت لسلامة صدرك، وان لك ان تلحق بأبيك.
أقول: هذا الحديث عدوه من مشكلات الاخبار وأطالوا الكلام في تأويله على وجوه كثيرة: منها - ان معناه ان أباك لما ارتكب ترك الأولى وصار قلبه مجروحا، فداواه بود الله تعالى ومحبته، فلذا سمي داود، إشفاقا من الدواء بالود، وأنت لم تركب بعد وأنت سليم منه، سميت سليمان.
فخصوص العلتين للتسميتين صارتا علة، علة لزيادة اسمك على اسم أبيك.
ثم لما كان كلاهما موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه، استدركت ذلك بأن ما صدر عنه، لم يصر سببا لنقصه، بل صار سببا لكمال محبته وتمام مودته وأرجو ان تلحق أيضا بأبيك، في ذلك لتكمل محبتك. الثاني - ان المعنى هو ان أصل الاسم داوى جرحه بود، وهو أكثر من اسمك وانما صدر بكثرة الاستعمال داود، ثم دعا له درجات بقوله أرجو ان تلحق بأبيك، يعني في الكمال والفضل.