ويخبرهم بما رأوا من أحوالهم إلا يوشع بن نون وكالب بن يوحنا ختن موسى على أخته مريم.
فلما سمع القوم ذلك من الجواسيس رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا يا ليتنا متنا في ارض مصر ولا يدخلنا الله فتكون نساؤنا وأموالنا غنيمة لهم، وأرادوا الرجوع إلى مصر وقالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين فقال لهم موسى: ان الذي أنجاكم وفلق البحر هو الذي يظهركم عليهم فلم يقبلوا وهموا بالانصراف إلى مصر.
فخرق يوشع وكالب ثيابهما وقالا لهم: ادخلوا على الجبارين الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، لان الله منجز ما وعد، وإنا رأيناهم واختبرناهم فكانت أجسامهم قوية وقلوبهم ضعيفة فلا تخشوهم وعلى الله توكلوا إن كنتم مؤمنين.
فأراد بنو إسرائيل ان يرموهم بالحجارة وعصوهما، وقالوا يا موسى (إنا لن ندخلها ما داموا فيها اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون) فغضب موسى ودعا عليهم فقال (رب اني لا أملك الا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الظالمين) وكانت عجلة عجلها موسى فظهر الغمام على قبة الزمر، فأوحى الله تعالى إلى موسى: (إلى متى لا يصدقون بالآيات لأهلكنهم أجمعين) ولأجعلن لك شعبا أقوى وأكثر منهم، فقال موسى: الهي لو أنك قتلت هذا الشعب لقالت الأمم الذين سمعوا انما قتل هذا الشعب من اجل انه لم يستطع ان يدخلهم الأرض المقدسة فقتلهم في البرية، وأنت طويل صبرك وتغفر الذنوب فاغفر لهم ولا توبقهم فقال الله عز وجل: قد غفرت لهم بكلمتك. ولكن بعد ما سميتهم فاستعين ودعوت عليهم بي، حلفت لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة، غير عبدي يوشع وكالب، ولآتينهم في هذه البرية أربعين سنة، مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة، وكانت أربعين يوما، ولنلقين جيفهم في هذه القفار، واما بنوهم الذين لم يعملوا الخير والشر فإنهم يدخلون الأرض المقدسة.
فذلك قوله تعالى: (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة) في ستة فراسخ، وكانوا ستمائة الف مقاتل فكانوا يسيرون جادين حتى إذا أمسوا وباتوا فإذا هم في