فرجع موسى ولف على يديه عباءة ثم ادخل يده في فمها فإذا هي عصا كما كانت (فألقي السحرة سجدا لما رأوا ذلك قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون) فغضب فرعون من ذلك وقال (آمنتم له قبل ان آذن لكم انه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون * لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين * فقالوا له إنا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا) فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن، حتى انزل الله عليهم الطوفان والجراد والضفادع والدم فانطلق عنهم.
فأوحى الله إلى موسى: (ان أسر بعبادي) فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر، وجمع فرعون أصحابه (وبعث في المدائن حاشرين) وحشر الناس وقد تقدم مقدمته في ستمائة الف وركب هو في الف والف وخرج، كما حكى الله عز وجل (وأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل * فلما قرب موسى من البحر وقرب فرعون من موسى قال أصحاب موسى إنا لمدركون * فقال موسى كلا ان معي ربي سيهدين) - اي سينجيني - فدنا موسى من البحر فقال له انفرق فقال له البحر: استكبرت يا موسى ان تقول لي: انفرق لك ولم أعص الله طرفة عين وقد كان فيكم العاصي فقال له موسى: فاحذر ان تعصي وقد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته، وإنما لعن إبليس بمعصيته قال البحر: عظيم ربي مطاع أمره.
فقام يوشع بن نون فقال لموسى: يا رسول الله ما امرك ربك؟ فقال بعبور البحر، فاقتحم فرسه الماء، وأوحى الله إلى موسى: (ان اضرب بعصاك البحر) فضربه، فكان كل فرق كالطود العظيم فضرب له في البحر اثنى عشر طريقا فأخذ كل سبط في طريق، فكان قد ارتفع الماء وبقت الأرض يابسة طلعت فيها الشمس ويبست ودخل موسى البحر وكان أصحابه اثنى عشر سبطا، فضرب الله لهم في البحر اثني عشر طريقا، فأخذ كل سبط في طريق وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى في طريقه فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر، فلم يصدقوه، فأمر الله البحر فصار طرقات