أيوب انها ماله أعارنيه وهو أولى به إذا شاء تركه وان شاء نزعه، وقديما ما وطنت نفسي ومالي على الفناء. فقال إبليس وان ربك ارسل عليها نارا من السماء فاحترقت كلها فترك الناس مبهوتون وقوفا عليها متعجبون منها. منهم من يقول ما كان أيوب يعبد شيئا وما كان الا في غرور. ومنهم من يقول: لو كان اله أيوب يقدر على أن يصنع شيئا، لمنع وليه. ومنهم من يقول: بل هو الذي فعل ما فعل يشمت به عدوه ويفجع به صديقه.
قال أيوب: الحمد لله حين أعطاني وحين نزع مني، عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود في التراب وعريانا أحشر إلى الله تعالى.
ليس ينبغي لك ان تفرح حين أعارك الله وتجزع حين قبض عاريته.
الله أولى بك وبما أعطاك، ولو علم الله فيك أيها العبد خيرا لقبض روحك مع الأرواح فآجرني فيك وصرت شهيدا ولكنه علم منك شرا فخلصك من البلاء.
فرجع إبليس إلى أصحابه خاسئا ذليلا فقال لهم ماذا عندكم من القوة فاني لم أكلم قلبه؟ قال عفريت من عظمائهم عندي من القوة ما إذا شئت صحت صوتا لا يسمعه ذو روح الا خرجت نفسه. قال له إبليس فأت الغنم ورعاتها فانطلق حتى إذا توسطها صاح صوتا فماتت من عند آخرها ومات رعاتها، ثم خرج متمثلا بقهرمان الرعاة حتى إذا جاء أيوب وهو قائم يصلي فقال له القول الأول ورد عليه أيوب الرد الأول.
ثم إن إبليس رجع إلى أصحابه فقال لهم ماذا عندكم من القوة فاني لم أكلم قلب أيوب فقال عفريت من عظمائهم عندي من القوة ما إذا شئت تحولت ريحا عاصفا تنسف كل شئ فآتي عليه حتى لا أبقي شيئا. قال له إبليس فأت الفدادين والحرث فانطلق يؤمهم وذلك حين قرنوا الفدادين وأنشأوا في الحرث وأولادها وقوع فلم يشعروا حتى هبت ريح عاصف فنسفت كل شئ من ذلك حتى كأنه لم يكن، ثم خرج إبليس متمثلا بقهرمان الحرث حتى جاء أيوب وهو قائم يصلي فقال له مثل القول الأول ورد عليه أيوب مثل رده الأول.