صلوات الله عليه نبينا وآله وعليهم السلام وكانت تختلف إليه بما يصلحه، وكان له أصحاب ثلاثة فاتهموه ورفضوه من غير أن يفارقوا دينه واخذوا في لومه وتعنيفه وكان من بينهم شاب فلامهم على ما كان منهم وما عيروا به أيوب حتى قال لهم: انكم أشد علي من مصيبتي.
ثم اعرض عنهم وقال: يا رب لأي شئ خلقتني؟ يا ليتني عرفت الذنب الذي أذنبت والعمل الذي عملت؟ فصرفت وجهك الكريم عني لو كنت امتني فالحقتني بآبائي؟ فالموت كان أجمل بي ألما للغريب دارا وللمسكين قرارا ولليتيم وليا وللأرملة قيما، الهي انا عبد ذليل ان أحسنت فالمن لك وان أسأت فبيدك عقوبتي، جعلتني للبلاء غرضا ولو وقع علي بلاء لو وقع على جبل ضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي؟
الهي تقطعت أصابعي فاني لأرفع اللقمة من الطعام بيدي معا فما تبلغان فمي الا على الجهد مني؟ تساقطت لهواتي ولحم رأسي وان دماغي ليسيل من فمي؟ تساقط شعر عيني فكأنما أحرق بالنار وجهي وحدقتاي متدليان على خدي وورم لساني حتى ملأ فمي فما ادخل منه طعاما الا غصني وورمت شفتاي حتى غطت العليا انفي والسفلى ذقني، وتقطعت أمعائي في بطني فاني لادخلها الطعام فيخرج كما ذهب المال؟ فصرت اسأل بكفي فيطعمني من كنت اعوله اللقمة الواحدة فيمنها علي ويعيرني؟ هلك أولادي فلو بقي أحد منهم أعانني على بلائي؟ ملني أهلي وعقني ارحامي وتنكرت معارفي؟ وان سلطانك هو الذي اسقمني وانحل جسمي؟ ولو أن ربي نزع الهيبة من صدري وأطلق لساني حتى أتكلم بملأ فمي بمكان ينبغي للعبد ان يحاج عن نفسه لرجوت ان يعافيني عند ذلك مما بي ولكنه القاني وتعالى عني فهو يراني ولا أراه ولا نظر إلي فرحمني ولا دنا مني ولا أدناني فأتكلم ببراءتي وأخاصم عن نفسي.
فلما قال ذلك أيوب عليه السلام وأصحابه عنده أظلته غمام، ثم نودي:
يا أيوب ان الله عز وجل يقول لك: ها انا قد دنوت منك ولم أزل منك قريبا، فقم فادل بعذرك وتكلم ببراءتك وخاصم نفسك واشدد ازارك وقم مقام جبار فإنه لا