فجعل إبليس يصيب ما له مالا حتى مر على آخره بالهلاك، وهو يحمد الله ويشكره على البلاء. فلما رأى إبليس انه لم ينجح منه بشئ، صعد سريعا إلى موقفه فقال إلهي ان أيوب يرى انك ما متعته بنفسه وولده فأنت معطيه المال، فهل أنت مسلطي على ولده فإنها الفتنة المضلة والمصيبة التي لا يقوى عليها صبر الرجال! فقال انطلق فقد سلطتك على ولده. فانقض حتى جاء بني أيوب في قصرهم فلم يزل يزلزل بهم حتى تهدم قواعده ثم جعل يناطح جداره بعضها ببعض ويرميهم بالحجارة حتى إذا مثل بهم كل مثلة رفع بهم القصر وقلبه فصاروا منكبين، وانطلق إلى أيوب متمثلا بالمعلم الذي كان يعلمهم الحكمة، وهو جريح يسيل دمه وقال يا أيوب لو رأيت بنيك كيف عذبوا وكيف قلبوا على رؤوسهم تسيل دماؤهم ودماغهم من أنوفهم ولو رأيت كيف شقت بطونهم وتناثرت أمعاؤهم لتقطع قلبك فلم يزل يقول هذا حتى رق أيوب واخذ قبضة من التراب فوضعها على رأسه، فاغتنم إبليس ذلك، فصعد سريعا بالذي كان من جزع أيوب مسرورا.
ثم لم يلبث به أيوب ان رجع إلى ربه فتاب واستغفر، وصعد قرناؤه من الملائكة بتوبته، فبدروا إبليس إلى الله تعالى فوقف إبليس خاسئا ذليلا فقال يا إلهي انما هون على أيوب ما ذهب منه، انك متعته بنفسه، فهل أنت مسلطه على جسده فإنك ان ابتليته في جسده كفر بك فقال الله عز وجل: انطلق فقد سلطتك على جسده ولكن ليس لك سلطان على لسانه ولا على قلبه ولا على عقله.
ولم يسلطه سبحانه عليه إلا ليعظم له الثواب وجعله عبرة للصابرين وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل ليأنسوا به بالصبر ورجاء الثواب.
فانقض عدو الله سريعا فوجد أيوب (ع) ساجدا فأتاه في موضع في وجهه فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده وصار قرحة واحدة ووقعت فيه حكة لا يملكها، فحك بدنه بالفخار والحجارة، فلم يزل يحك بدنه حتى تقطع لحمه وتغير وانتن فأخرجه أهل القرية فجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشا ورفضه خلق الله كلهم. غير امرأته رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم