فالأمثل وانما ابتلاه الله عز وجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لكيلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله ان يوصله إليه من عظائم نعمه تعالى متى شاهدوه وليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى، على ضربين، استحقاق واختصاص، ولئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه ولا فقيرا لفقره ولا مريضا لمرضه وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفي من يشاء كيف يشاء بأي سبب شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن شاء وشقاوة لمن شاء وسعادة لمن شاء، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضائه وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده الا الأصلح لهم ولا قوة الا به.
أقول: هذا الحديث كما قاله شيخنا المحدث أبقاه الله تعالى أوفق بأصول متكلمي الإمامية: من كونهم عليهم السلام منزهين عما يوجب تنفر الطبائع عنهم، فتكون الاخبار الاخر محمولة على التقية، لموافقتها روايات العامة، لكن إقامة الدليل على نفي ذلك عنهم، ولو بعد ثبوت نبوتهم وحجتهم، لا يخلو من اشكال مع أن الأخبار الدالة على ثبوتها أكثر وأصح، وبالجملة للتوقف فيه مجال.
وقال السيد الاجل علم الهدى قدس الله ضريحه: فان قيل: أفتصححون ما روي من أن الجذام اصابه حتى تساقطت أعضاؤه.
قلنا: اما العلل المستقذرة التي تنفر من رآها وتوحشه كالبرص والجذام، فلا يجوز شئ منها على الأنبياء عليهم السلام لما تقدم ذكره، لان النفور ليس يوافق على الأمور القبيحة بل قد يكون من الحسن والقبيح معا وليس ينكر ان تكون أمراض أيوب عليه السلام وأوجاعه ومحنه في جسمه ثم في أهله وماله، بلغت مبلغا عظيما تزيد في الغم والألم على ما ينال المجذوم وليس ينكر تزايد الألم فيه عليه السلام وانما ينكر ما اقتضى التنفير.
(الكافي) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان الله عز وجل لما عافى أيوب نظر إلى بني إسرائيل قد ازدرعوه. فرفع طرفه إلى السماء فقال: إلهي وسيدي عبدك أيوب المبتلى عافيته ولم يزدرع شيئا وهذا لبني إسرائيل زرع فأوحى