سجدا) اي لأجل وجدانه سجدوا لله: وحاصله انه كان ذلك سجود الشكر، فالمسجود له هو: الله الا ان ذلك السجود انما كان لأجله.
والدليل على صحة هذا التأويل ان قول ورفع أبويه على العرش (وخروا له سجدا مشعر بأنهم صعدوا ذلك السرير، ثم سجدوا، ولو أنهم سجدوا ليوسف عليه السلام لسجدوا له قبل الصعود إلى السرير، لان ذلك ادخل في التواضع، وحينئذ فيكون المراد من قوله: (اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) اي رأيتهم ساجدين لأجلي، اي انها سجدت لله لطلب مصلحتي والسعي في اعلاء منصبي. وعندي ان هذا التأويل متعين لأنه يبعد من عقل يوسف ودينه، ان يرضى بان يسجد له أبوه مع سابقته في حقوق الولاة والشيخوخة والعلم والدين وكمال النبوة.
الوجه الثاني - في الجواب ان يقال انهم جعلوا يوسف كالقبلة وسجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه، كما يقال سجدت للكعبة. قال حسان: ما كنت اعرف ان الامر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم * واعرف الناس بالآثار والسنن فقوله: (وخروا له سجدا) اي جعلوه كالقبلة، ثم سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه.
الوجه الثالث - في الجواب ان التواضع قد يسمى سجودا. كقوله:
(ترى الأكم فيها سجدا للحوافر).
إلا ان هذا مشكل لأنه تعالى قال: (وخروا له سجدا) والخرور إلى السجدة مشعرة بالاتيان بالسجدة على أكمل الوجوه. وأجيب عنه بان الخرور، يعني به المرور فقط.
قال الله تعالى: (لم يخروا عليها صما وعميانا) يعني لم يمروا.
الوجه الرابع - في الجواب ان نقول: الضمير في قوله: (وخروا له) غير عائد إلى الأبوين لا محالة، والا لقال: (وخروا له ساجدين) بل الضمير عائد