ينبغي ان يخاصمني الا جبار مثلي ولا يمكن ان يخاصمني الا من يجعل الزيار في فم الأسد والسخال في فم العنقاء واللجام في فم التنين ويكيل مكيالا من النور ويزن مثقالا من الريح ويصر صرة من الشمس ويرد أمس لقد منتك نفسك أمرا ما تبلغ بمثل قوتك أردت ان تخاصمني بعيك أم أردت ان تكابرني بضعفك أين أنت مني يوم خلقت الأرض فوضعتها على أساسها؟ هل علمت بأي مقدار قدرتها؟ أم كنت معي؟ أم كنت تمتد بأطرافها؟ أم تعلم ما بعد زواياها؟ أم على اي شئ وضعت أكنافها؟ أبطاعتك حمل الماء الأرض؟ أم بحكمك كانت الأرض للماء غطاء؟ أين كنت مني يوم رفعت السماء سقفا في الهواء لا بعلائق ولا تحملها دعم من تحتها؟
يبلغ من حكمك ان تجري نورها؟ أو تسير نجومها؟ أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها أين كنت مني يوم سخرت البحار؟ وأنبعت الأنهار؟ أقدرتك حبست أمواج البحار على حدودها؟ أم قدرتك فتحت الأرحام حين بلغت مدتها؟ أين أنت مني يوم صببت الماء على التراب؟ ونصبت شوامخ الجبال؟ هل لك من ذراع تطيق حملها أم هل تدري كم مثقال فيها؟ أين الماء الذي انزل من السماء؟ أحكمتك أحصت القطر؟ وقسمت الأرزاق؟ أم قدرتك تثير السحاب وتجري الماء؟ هل تدرى ما أصوات الرعود؟ أم من اي شئ لهب البرق؟ وهل رأيت عمق البحر؟ هل تدري ما بعد الهواء؟ هل تدري أين خزانة الثلج؟ وأين خزانة البرد؟ أم أين جبال البرد؟
أم هل تدري أين خزانة الليل والنهار؟ وأين طريق النور وبأي لغة تتكلم الأحجار؟
وأين خزانة الريح؟ وكيف نحبسه؟ ومن جعل العقول في أجواف الرجال؟ ومن شق الاسماع والابصار.
فقال أيوب عليه السلام: قصرت عن هذا الامر الذي تعرض علي، ليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها، ولم أتكلم بشئ يسخط ربي اجتمع علي البلاء.
إلهي قد جعلتني لك مثل العدو وقد كنت تكرمني وتعرف نصحي، وقد علمت أن كل الذي ذكرت صنع يدك وتدبير حكمتك، وانما تكلمت لتعذرني وسكت حين سكت لترحمني، كلمة زلت عن لساني، فلن أعود وقد