وضعت يدي في فمي وعضضت لساني وألصقت بالتراب خدي فاغفر لي ما قلت فلن أعود لشئ تكرهه مني.
فقال الله تعالى: يا أيوب نفذ فيك علمي وسبقت رحمتي غضبي، إذا أخطأت فقد غفرت لك ورددت عليك أهلك ومالك (ومثلهم معهم) لتكون لمن خلفك آية وتكون عبرة لأهل البلاء وعزا للصابرين (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) فركض برجله فانفجرت له عين فدخل فيها واغتسل، فأذهب الله تعالى كل ما كان فيه من البلاء. ثم خرج وجلس، فأقبلت امرأته فقامت تلمسه في مضجعه فلم تجده، فقامت مترددة كالوالهة، ثم قالت: يا عبد الله هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان هاهنا؟ فقال لها: هل تعرفينه إذا رأيتيه؟ قالت: نعم وما لي لا اعرفه، فتبسم وقال: انا هو، فعرفته بمضحكه فاعتنقته.
فذلك قوله: (وأيوب إذ نادى ربه اني مسني الضر..) واختلف العلماء في وقت نداءه ومدة بلاءه والسبب الذي قال من اجله: (اني مسني الضر...).
فعن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان أيوب نبي الله لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد الا رجلين من إخوانه، وكان يخرج لحاجته، فإذا قضى حاجته، أمسك امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، وأوحى إلى أيوب في مكانه: (اركض برجلك).
وقال الحسن: مكث أيوب عليه السلام مطروحا على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهر، تختلف فيه الدواب. ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق غير رحمة وهي زوجته، صبرت معه، وأيوب لا يفتر من ذكر الله والثناء عليه.
فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض جزعا من صبر أيوب عليه السلام فلما اجتمعوا إليه قالوا ما حزنك؟ قال أعياني هذا العبد الذي سألت الله ان يسلطني عليه وعلى ماله، فلم يزد بذلك الا صبرا وثناءا على الله تعالى فقد افتضحت بربي فاستغثت لتغيثوني عليه؟ فقالوا له أين مكرك أين علمك الذي أهلكت به من مضى؟ قال بطل ذلك كله في امر أيوب (ع) فأشيروا علي؟ قالوا