(ولا تبخسوا الناس أشياءهم) اي لا تنقصوهم حقوقهم.
(ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها) اي لا تعملوا في الأرض بالمعاصي واستحلال المحرمات، بعد أن أصلحها الله بالامر والنهي وبعثة الأنبياء.
(ولا تقعدوا) فإنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للايمان به، فيخوفونه بالقتل، أو انهم كانوا يقطعون الطريق فنهاهم عنه.
(وتبغونها عوجا) بان تقولوا هو باطل. (فكثركم) اي كثر عددكم.
قال ابن عباس: وذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط، فولدت، حتى كثر أولادها.
(علل الشرايع) باسناده إلى انس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
بكى شعيب من حب الله عز وجل حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمى، فرد الله عليه بصره. فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه: يا شعيب إلى متى يكون هذا ابدا منك ان يكن هذا خوفا من النار فقد اجرتك وان يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك فقال: إلهي وسيدي أنت تعلم اني ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك، ولكن عقد حبك في قلبي فلست أصبر أو أراك فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هكذا فمن اجل هذا، سأخدمك كليمي موسى بن عمران.
قال الصدوق رحمه الله: يعني بذلك: لا أزال أبكي أو أراك قد قبلتني حبيبا.
وقال شيخنا المحدث أبقاه الله تعالى: كلمة أو بمعنى إلى أن، أو الا ان، اي إلى أن يحصل لي غاية العرفان والايقان المعبر عنها بالرؤية وهي رؤية القلب لا البصر.
والحاصل طلب كمال المعرفة بحسب الاستعداد والقابلية والوسع والطاقة انتهى.
والأظهر ان يقال المراد بقوله: أو أراك. إلى أن أراك بعد الموت، يعني اني أبكي على حبك ولا افتر عن البكاء حتى ألقاك، كمن غاب عن حبيبه فهو يبكي على حبيبه لأجل فراقه إلى أن يلقاه.
فهذه معان ثلاثة والحديث حمال أوجه، وما قاله نبي الله شعيب (ع)، هو